العمل والوظائف

لطالما أثرت المعايير الديموغرافية والموارد الطبيعية على سوق العمل في المنطقة العربية. وقد شهدت المنطقة العديد من التداعيات في ظل الأزمات والنزاعات التي ضربت عددا من البلدان منذ عام 2011، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال وفلسطين، ولبنان. ظهرت عدة تحديات طارئة واجهتها المنطقة العربية بسبب أسعار النفط المتقلبة وتفشي جائحة كوفيد-19 إلى جانب العديد من التحديات البنيوية في الاقتصادات العربية. على الرغم من الاختلافات والتفاوتات بين بلدان المنطقة. تتشارك البلدان العربية خصائص مرتبطة بسوق العمل وتواجه تحدّيات متشابهة. ترتبط هذه التحديات بشكل عام بانخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة، وخاصة بين النساء، وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والشابات، بالإضافة إلى الحجم الكبير للقطاع العام الآخذ بالانخفاض، وارتفاع معدل انتشار العمالة غير النظامية.

 

تشير تقديرات منظمة العمل الدولية لعام 2022 إلى أن معدل المشاركة في القوى العاملة في المنطقة عند 45.95 في المئة، هو أقل من المتوسط ​​العالمي البالغ 59.89 في المئة. ويعود ذلك غالباً إلى المعدلات المنخفضة لمشاركة المرأة البالغة 19.66 في المئة.[1] على الرغم من التحسن الطفيف في مشاركة القوى العاملة في السنوات الماضية، باستثناء عام 2020، فإن أقل من نصف القوى العاملة منخرطة فعلياً بشكل ناشط في سوق العمل في 16 دولة عربية. هذا المعدل هو الأدنى في البلدان مثل جيبوتي (31.38 في المئة)، الصومال (33.96 في المئة) واليمن (38.3 في المئة)، والأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يصل إلى 88.293 في المئة و82.2 في المئة في قطر والإمارات العربية المتحدة على التوالي.[1] ويفسر ذلك حقيقة أن الأخيرة هي دول مستوردة للعمالة. تبلغ نسبة مشاركة الذكور في القوى العاملة (70.27 في المئة)، أي ما يوازي تقريباً ثلاثة أضعاف ونصف معدل المشاركة لدى النساء في المنطقة العربية في عام 2022. في اليمن، يزيد معدل مشاركة الذكور في القوى العاملة بأكثر من 11 مرة عن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة، حيث سجل 6.19 في المئة فقط.[1]

 

هناك تفاوت كبير بين العرض والطلب على العمل مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في العديد من البلدان، وخاصة بين الشباب. هذا التفاوت ناتج إلى حد كبير عن بنية الاقتصاد في معظم البلدان، حيث يتم تقييده في أنشطة ذات قيمة مضافة منخفضة. وفقًا لتقديرات منظمة العمل الدولية، يقدَّر معدّل البطالة في المنطقة العربية بنحو 10.66 في المئة عام 2022،[1] وذلك قريب من ضعف المتوسط ​​العالمي (1.88) البالغ 5.77 في المئة.[1]  في حين أن معدلات البطالة مرتفعة في بعض الدول العربية – 25.7 في المئة في فلسطين و 27.9 في المئة في جيبوتي - فإن معدلات البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي منخفضة جداً، حيث سجلت قطر أدنى معدل في العالم بنسبة 0.095 في المئة. إلا أن المنطقة شهدت معدلات أعلى بسبب الركود الاقتصادي المتوقع وتفشي كوفيد-19 والإغلاق الناتج عنه عامي 2020 و 2021، وصلت الى 11.34 و 11.02 في المئة على التوالي.[1]

 


تتميز المنطقة العربية بكتلة سكانية شبابية متعلّمة، حيث يشكل الشباب دون سن الثلاثين حوالي 58 في المئة من سكان المنطقة.[2] وقد أدى الافتقار إلى خلق فرص العمل وعدم التوافق بين الوافدين الجدد إلى سوق العمل ذوي التعليم العالي من جهة واحتياجات السوق من جهة أخرى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وخاصة بين النساء والأكثر تعليماً. قُدر معدل بطالة الشباب في المنطقة بحوالي 26.68 في المئة عام 2022.[1] وقد سجلت 5 دول فقط معدلات بطالة بين الشباب أقل من المتوسط ​​العالمي البالغ 15.58 في المئة، وهي 5 بلدان من دول مجلس التعاون الخليجي.[1]

 

تحدّ الأعراف الثقافية والاجتماعية إلى جانب العوائق البنيوية من مشاركة المرأة في سوق العمل. تواجه النساء في المنطقة العربية مخاطر أعلى للبطالة وما زلن يواجهن عوائق كبيرة للدخول إلى سوق العمل. بلغ معدل بطالة النساء 19.9 في المئة، ولا يزال مرتفعًا جدًا مقارنة بمعدل بطالة الذكور البالغ 8.27 في المئة  وبالمتوسط ​​العالمي البالغ 5.79 في المئة في عام 2022. كذلك، بلغ معدل البطالة لدى الشابات ما نسبته 43.37 في المئة، وهو أعلى معدل في العالم في عام 2022.[1]

 

وعلى الرغم من أنه في عام 2020، كان هناك 40 في المئة من السكان في الدول العربية لديهم على الأقل نوع واحد من التغطية الاجتماعية،[3] إلا أنه كمعدّل تساهم أقل من ثلث القوى العاملة في المنطقة في الضمان الاجتماعي، وتغطي فقط موظفي القطاعين العام والخاص الذين لديهم عقود عمل منتظمة.[4] فيما يتمتع عمال القطاع العام ببرامج ضمان اجتماعي أكثر سخاء ومزايا واستقرار مالي.[4] وقد أدى ذلك لأن يكون القطاع العام هو المكان المفضل للتوظيف بالنسبة للباحثين عن عمل في المنطقة العربية خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي لاستيعاب معظم العمالة الوطنية، على الرغم من الإصلاحات والسياسات التي تدعم التوظيف الوطني في القطاع الخاص.

 

يمثل القطاع غير النظامي في الاقتصاد سمة ثابتة للاقتصادات العربية. لطالما اتّسمت عملية خلق فرص العمل بالإنتاجية المنخفضة وبكونها غير نظامية. وفقًا للبيانات المتاحة من قبل منظمة العمل الدولية والاسكوا (2021)، يعمل 64 في المئة من القوى العاملة في البلدان العربية في القطاع غير النظامي، في ظروف عمل سيئة واستقرار وظيفي محدود.[5]

 

 

 

يعد سوق العمل في المنطقة العربية عرضة لبعض التقلبات الخطيرة مثل التحديات الاقتصادية المتوقعة. وكان لانخفاض أسعار النفط، وتفشي فيروس كورونا، وارتفاع نسب الديون، وعجز الميزانية الدور الكبير في انكماش الاقتصادات العربية المنخفضة الإنتاجية الحالية وعواقب وخيمة على فرص العمل في جميع القطاعات. يعتبر قطاع الخدمات، الذي يوظف 57.9 في المئة من إجمالي العمالة مقابل 24.52 في المئة في الصناعة و 17.55 في المئة في القطاع الزراعي، الأكثر تضرراً مما أدى إلى انخفاض كبير في ساعات العمل وخفض الأجور وتسريح العمال.[1]  

 

 

 

تم  تحديث هذه اللمحة العامة من قبل فريق عمل البوابة العربية للتنمية استنادًا إلى أحدث البيانات المتاحة في آب/ أغسطس 2023.

 

المصادر:

[1] البنك الدولي. 2023. مؤشرات التنمية العالمية. [أونلاين]. متوفر على: https://databank.worldbank.org/source/world-development-indicators  ]تم الدخول في 8 آب/أغسطس 2023].
[2] بناء على بيانات شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمانة العامة للأمم المتحدة. 2023.  "التوقعات السكانية في العالم. [أونلاين] متوفر على: https://population.un.org/wpp [تم الدخول في 9 آب/أغسطس 2023].
[3] منظمة العمل الدولية. حقائق ووقائع. [أونلاين] متوفر على: https://www.ilo.org/beirut/areasofwork/social-security/lang--en/index.htm   [تم الدخول في 9 آب/أغسطس 2023].
[4] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 2020. [أونلاين] متوفر على: http://www.pcbs.gov.ps/ [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[5] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) و منظمة العمل الدولية. 2021. نحو مسار إنتاجي وشامل: خلق فرص العمل في المنطقة العربية . [أونلاين] متوفر على:https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---arabstates/---ro-beirut/documents/publication/wcms_817042.pdf  [تم الدخول في 9 آب/أغسطس 2023].



اللمحة الإحصائية 2018، العمل والوظائف
عرض الكل

أبرز البيانات

عرض الكل

المصادر