المدونات

المبادئ التوجيهية
إن مدونة البوابة العربية للتنمية هي منصة مفتوحة للمهتمين والباحثين العاملين على قضايا التنمية في الدول العربية. ترحب البوابة بمدونات باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية.
 
بإمكان المهتمين إرسال نص مدونة (ما يقارب الـ 700 كلمة) عبر البريد الإلكتروني [email protected]، وذكر ما يلي:
1 المدونة
2إسم المؤلف
3رابط إلى المصدر إذا كانت قد نُشرت سابقًا
4صور (إن وُجدت – على أن لا تزيد عن 500KB)
5نسخة مترجمة للنص (إن وُجدت).​
 
يرجى الملاحظة أننا نحتفظ بالحق في القيام بأعمال تحريرية وإدخال الحد الأدنى من التعديلات على المادة المقدمة لتحسين سهولة قراءة النص ووضوحه، على أن يتم التشاور مسبقًا مع المؤلفين في حال تمَّ ادخال تعديلات جوهرية.

إعادة النظر في اللامساواة في الصحة في المنطقة العربية

02 نوفمبر/تشرين الثاني 2020

التزمت الدول العربية بأهداف التنمية المستدامة وغايتها القصوى "عدم إغفال أي فرد". وتقع الصحة في لب أهداف التنمية المستدامة القائمة على مبدأ الانصاف في الصحة.[1] وقد أظهر تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) الواقع القديم والمستمر من اللامساواة في الصحة في المنطقة العربية. ومما لا شك فيه أن اللامساواة في الصحة حالة مستشرية في المنطقة العربية، على الرغم من التقدم الذي أحرز في هذا المجال خلال العقود الماضية.[2][3][4][5] تبحث هذه المدونة في التزامات الدول العربية وتبني عليها، كما أنها تتحرى عن مدى التقدم المُنجَز فيما يخص الانصاف في الصحة في المنطقة. والأهم من ذلك، تناقش هذه المدونة التحديات الرئيسية التي تعيق تحقيق  الانصاف في الصحة في المنطقة العربية.

 

تناقش الدراسات المتزايدة اللامساواة في الصحة بين دول المنطقة وداخلها. يُظهر بحثان حديثان لرشاد وشوقي [6][7] أن توزيع الاعتلال الصحي غير متكافئ ا مع توزيع السكان بين مختلف المناطق الإدارية وشطور الثراء. على سبيل المثال، إن مؤشر الاختلاف القياسي والمعبر عنه بشكل نسب مئوية (rID)[1] [7 ، 8-13]، وهو مقياس موجز للتوزيع الجغرافي للامساواة، يبين أن وفيات الأطفال في مصر والمغرب والسودان تصل إلى 11.4 في المائة و 19.6 في المائة و 9.7 في المائة على التوالي، مع الاشارة إلى أن المناطق الريفية هي الأكثر تضررا. وكذلك الأمر، فإن الحاجة الى إعادة توزيع مؤشر التركيز (rCI)[2] [7،8-13]، وهو مقياس موجز للتفاوت في توزيع الثروة، يظهر تفاوتًا حادًا مع وجود تدرج اقتصادي، ليس لصالح الفقراء، فيما يتعلق بوفيات الأطفال في الأردن والمغرب، حيث تصل النسبة في الدولتين إلى 11.6٪.

 

فضلاً عن ذلك، لا يزال جدول الأعمال المتعلق بالصحة غير مكتمل، ولا سيما أن التحسن في مؤشرات الصحةمع مرور الزمن لا يضمن تحسنًا في اللامساواة بل يرافقه تراجع في هذا المجال. على سبيل المثال، انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة في مصر إلى النصف من 30 لكل 1000 مولود حي في عام 2005 إلى 14 لكل 1000 مولود حي في عام 2014. مع ذلك كان الانخفاض بطيئًا في ريف وجه قبلي في مصر  وكان شبه راكد في المحافظات الحضرية، وصولا إلى تضاعف مستوى اللامساواة حسب التوزع الجغرافي  ثلاث أضعاف حسب مؤشر الاختلاف القياسي الذي ارتفع من 4.7٪ إلى 11.7٪.[6][7]

 

والأهم، فإن نظم الصحة في المنطقة تتحمل مسؤولية عدم تحقق الانصاف نظرا لأن جهودها غير موزعة على جميع فئات المجتمع بشكل متساوٍ، حيث أن الأكثر فقراً وسكان المناطق الريفية يحصلون على خدمات بنسب أقل. على سبيل المثال، فإن اللامساواة بين المناطق الإدارية ووفقاً للثروات، بحسب rID٪ و rCI٪ لقياس الرعاية الصحية التي يتعذر الوصول إليها والتي لا يمكن تحمل تكلفتها، تتجاوز 10٪ في مصر والأردن والمغرب والسودان.[6][7]

 

وهذا يعني أن التحسن في الصحة وتدخلات نظم الرعاية الصحية لا يتم تقاسمها بشكل متساوٍ بين جميع فئات المجتمع . هذا التفاوت المنهجي على حساب الفقراء وسكان الريف وعلى حساب تلقيهم حصة متدنية من الخدمات ينقل المسألة من لامساواة إلى عدم الانصاف في الصحة. وغالبًا ما يتم التغاضي عن هذا الظلم في المنطقة العربية ولا يوضع هذا الأمر على قائمة الأولويات. والسبب الرئيسي لذلك هو غياب رؤية حول المساواة وأطر الانصاف فيما يخص تحديد ومعالجة اللامساواة في الصحة.

 

إن النقاش على الصعيد الدولي الذي يتجه نحو رؤية أوسع في مجال الصحة لم يتحقق حتى الآن بالكامل في المنطقة العربية. يثير هذا الأمر تساؤلاً مشروعًا: "ما هو الفرق بين تقييم الصحة الرعاية الصحية من جهة وتقييم الانصاف في الصحة الرعاية الصحية من جهة أخرى؟" تحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى مزيد من التوضيح من أجل إبراز الحاجة إلى قياس اللامساواة في الصحة والرعاية الصحية، بالإضافة إلى المتوسطات الوطنية الإجمالية.

 

في الأدبيات العالمية السائدة حديثاً، هناك بُعدان مختلفان للوضع الصحي؛ الحالة الصحية والتوزيع المنصف للصحة. والحالة الصحية هي المشار إليها في إحصاءات الصحة باستخدام أدوات القياس التقليدية (العدد، النسبة، التناسب، المعدل). تساعد هذه الأدوات التقليدية في تقييم حجم الظروف المتعلقة بالصحة والمعبر عنها من خلال المتوسطات الوطنية العامة والتي يمكن تصنيفها حسب العمر أو الجنس أو مكان الإقامة أو أي تصنيف آخر للسكان. يساعد هذا التقسيم على تقييم مدى المخاطر التي قد تتعرض لها فئات من السكان نسبة للفئات الأخرى. إن استخدام هذه الأدوات التقليدية يسمح للدول بتحديد سلم الأولويات المتعلق بالظروف الصحية السائدة وكذلك المخاطر المرتبطة بنظم الرعاية الصحية على أراضيها. هذه الإحصائيات المفصلة متوفرة في العديد من التقارير وعلى المنصات المختلفة أو لدى المراصد الوطنية والدولية.

 

نتحدث عن عدم الإنصاف في الصحة عندما يتعلق الأمر بالتركيز غير المنصف والجائر للاعتلال الصحي أو حرمان فئات من السكان يتم تجنبها وتفاديها من الرعاية الصحية.[14] يمثل عدم الإنصاف في الصحة والرعاية الصحية تحديًا يواجه كافة البلدان في جميع أنحاء العالم. تكمن المشكلة في أن عدم الانصاف المتعلق بالصحة والرعاية الصحية غير قابل للقياس. إلا أن اللامساواة في الصحة والرعاية الصحية قابلة للقياس ويمكن تحديدها ليتم الحكم عليها اذا ما كانت عدم إنصاف.

 

تظهر اللامساواة في مجال الصحة الاختلافات المنهجية في مجال الصحة بين فئات المجتمع. عندما نقيس اللامساواة في مجال الصحة من خلال معايير بسيطة لقياس الفجوة، سواء كانت مطلقة أو نسبية، سوف نواجه العديد من القيود التي تحول دون تقييم الأولويات أو مراقبة أي ]تقدم يتم إنجازه مع مرور الزمن أو مقارنة فئات السكان.[7][8][13] وبعبارة أخرى، فإن مقارنة الفئات المختلفة باستخدام نسب المقارنة أو الفرق المطلق يهدف إلى قياس مدى التعرض للخطر، ولكن لا يقيس مدى تركز الوضع الصحي والرعاية الصحية فيما يخص فئات محددة من السكان. إن الاختلاف في حجم التركز ناتج عن مشكلة التوزيع غير المتكافئ للاعتلال الصحي أو الرعاية الصحية مقارنة بالتوزيع العشوائي للسكان. تسلط هذه المقارنة الضوء على الاختلافات المنهجية التي يتم مواجهتها في حالات اللامساواة.  وبالتالي، فإن توضيح أوجه اللامساواة في الصحة و الرعاية الصحية يتطلب تدابير تسمح بمقارنة التوزيع بدلاً من قياس المخاطر.

 

إن الأدلة التي قد تشير الى حجم هذا التوزيع غير المتكافئ واللامساواة في الصحة ذات الأولوية تكاد تكون غير موجودة في المنطقة العربية. لم يتم تصميم أنظمة للمعلومات الصحية الوطنية تقوم على توفير معلومات تتعلق بعدم المساواة في اتوزيع  الحالةالصحة أو ارتباط ذلك بالأسباب الاجتماعية الجذرية لاعتلال الصحة. معظم الأدلة التي يتم الاعتماد عليها من أجل دراسة اللامساواة في الصحة مبنية على مسوح الاسر المعيشية التي يتم إجراؤها من قبل 17 دولة فقط من أصل 22 دولة. وحتى عندما تتوفر تلك المادة فإنها تفتقر إلى العديد من مؤشرات الصحة و/أو أنها تكون غير محدثة.

 

فضلاً عن ذلك، تتعامل الدول بصعوبة مع الفئات الاجتماعية العديدة بما في ذلك الثروة والتعليم والجنس ومكان الإقامة والجنسية ... إلخ. إذ أنها تستخدم معايير مبسطة للغاية لقياس الفجوات فينعكس ذلك قصوراً في تصوير المؤشرات الواقعية.[7][8][13]حتى الآن، لا يوجد إجماع على تقسيم طبقي للمجتمع وليس هناك معيار موحد للتوزيع – أكثر دلالة من مقاييس الفجوات التي يمكن اعتمادها روتينيا كجزء من بيانات نظام المعلومات الصحية التي تهدف الى تنبيه الدول إلى نواحي اللامساواة في مجال الصحة وتحديد نواحي اللامساواة ذات الأولوية. هذه القيود مقترنة بالتركيز التقليدي على المتوسطات المجمعة لنتائج االصحة تساهم بجعل اللامساواة في مجال الصحة غير مرئية نسبيًا وبالتالي تصبح السياسات العامة غير خاضعة للمساءلة.

 

تستفيد  نظم الصحة في المنطقة من الأدلة المتاحة لمعالجة أجندة الصحة غير المكتملة ولكنها تولي القليل من الاهتمام للتحديات الكثيرة في مجال اللامساواة في  الصحة. وتحديداً، تتبنى نظم الصحة إجراءات في قطاعات معينة تستهدف بشكل واضح الظروف الصحية ذات الأولوية والتي لا تشمل دائمًا مسألة اللامساواة في الصحة ذات الأولوية.[6][7] تحاول هذه النظم أن تلبي الاحتياجات الصحية المختلفة، بل وتسعى إلى إقامة شراكات مع القطاعات الاجتماعية الأخرى وتقوم بتنفيذ مبادرات في قطاعات متعددة تعمل على تحسين الصحة لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر، والتي ليست بالضرورة الأكثر ضعفاً أو افتقاراً للخدمات.

 

والأهم من ذلك، لا زالت نظم الصحة السائدة تتصرف على أنها الفاعل الوحيد في المجال الصحي، وحتى عندما تسعى إلى إقامة شراكات، فإن الهدف يكون تخفيف عبء الاعتلال الصحي وليس مواجهة أوجه الضعف الاجتماعي. صحيح أن الأنظمة الصحية تلعب دورًا رئيسيًا ويجب أن تدمج الإنصاف في سياساتها وتدخلاتها، ولكن، هذا ليس سوى خطوة أولى من أجل تحقيق الانصاف في الرعاية الصحية، والتي ليست بديلاً عن الإنصاف في الصحة.[14] إن تحقيق الإنصاف في مجال الرعاية الصحية هو هدف مركزي لنظام صحي قوي، وهذا يعني بالتالي أن موارد وخدمات الرعاية الصحية يجب أن تتوزع بشكل عادل بين كافة السكان، في حين أن الإنصاف في الصحة هو هدف مركزي لـ "الحكومة بكاملها" التي تتم إدارتها داخل نظم الصحة وخارجها باستخدام إجراءات مشتركة بين القطاعات.[14]

 

هناك قطاعات أخرى خارج القطاع الصحي تعتبر من أصحاب المصلحة الرئيسيين وتساهم بشكل كبير في تحقيق أوضاع صحية أفضل داخل المجتمع. والعديد من التدخلات في هذا المضمار تهدف إلى التخفيف من أوجه الضعف داخل المجتمع من خلال مثلاً برنامج التحويلات النقدية المشروطة، تمكين المرأة، إلخ. ولكن، ليس هذا هو المطلوب فقط. ل لترسيخ مبدأ الإنصاف كما نصت عليه أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 فذلك يتطلب سياسات تحويلية جذرية ونهج يساهم فيه "كافة الجهات الحكومية" يقوم على دمج منظور الإنصاف في جميع الترتيبات الاجتماعية ويدرج "الصحة في جميع السياسات". إن تحقيق الإنصاف في  الصحة يتطلب إجراء إصلاحات في السياسات تتضمن بشكل واضح إدراج الصحة كمسؤولية تقع على عاتق جميع الجهات الحكومية، ويتطلب أيضاً تطوير السياسات والاستراتيجيات للقضاء على أوجه الضعف الاجتماعية وليس فقط التخفيف منها.

 

في الختام، حان الوقت كي تستجيب الدول العربية لتطلعات شعوبها وتنخرط في الحركة العالمية الحالية من خلال وضع الصحة في قلب التنمية. ففي ظل غياب تصور واضح يهدف الى انصاف توزيع الصحة على كل الفئات الاجتماعية، لا عجب إن يظل الوعي بمسؤولية "الحكومة بكاملها" مكبّل. وسوف تبقى الدول صامتة إزاء عدم الانصاف في الصحة سواء تفاقم الوضع او تحسن أو  ظل كما هو وسوف يظل الناس يعانون من الضعف ومن نقص الخدمات. 

 

من الواضح أن مدي اللامساواة ا في توزيع الصحة على فئات المجتمع هو جزء أساسي وضروري من المعلومات التي يجب إدراجها في نظام المعلومات الصحية لأي بلد من البلدان. علاوة على ذلك، فإن المقاربة القائمة على تحمل كافة الجهات الحكومية للمسؤولية وإدراج "الصحة في جميع السياسات" مسار ضروري من أجل ألا "يتم إغفال أي فرد" وهي الطريق نحو بناء دولة قادرة على التكيف.

 

المصادر:
[1] الأمم المتحدة. تغيير عالمنا: أجندة 2030 للتنمية المستدامة؛ 2015. A/RES/70/1 متوفر على: https://sustainabledevelopment.un.org/post2015/transformingourworld/publication
[2] وزارة الصحة والسكان [مصر] ، الزناتي وشركاه [مصر]، والعالمية للاستشارات الصحية 2015. المسح الديموغرافي والصحي لمصر 2014. القاهرة ، مصر وروكفيل ، ماريلاند ، الولايات المتحدة الأمريكية: وزارة الصحة والسكان والعالمية للاستشارات الصحية. متوفر على: https://dhsprogram.com/pubs/pdf/FR302/FR302.pdf 
[3] دائرة الإحصاء (DOS) و العالمية للاستشارات الصحية 2019. مسح السكان والأسرة والصحة في الأردن 2017-18. عمان ، الأردن ، وروكفيل ، ماريلاند ، الولايات المتحدة الأمريكية: DOS و ICF. متوفر على: https://dhsprogram.com/pubs/pdf/FR346/FR346.pdf
[4] وزارة الصحة (المغرب) ، المشروع العربي لصحة الأسرة (PAPFAM) ، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ، صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) ، منظمة الصحة العالمية (WHO). المسح الوطني المغربي للسكان وصحة الأسرة 2010-2011. متوفر على:http://ghdx.healthdata.org/record/morocco-national-survey-population-and-family-health-2010-2011
[5] الجهاز المركزي للإحصاء (CBS) ، يونيسف السودان. 2016 ، المسح العنقودي متعدد المؤشرات 2014 السودان، التقرير النهائي. الخرطوم، السودان: اليونيسف والمكتب المركزي للإحصاء (CBS)، شباط\فبراير 2016. متوفر على: https://mics-surveys-prod.s3.amazonaws.com/MICS5/Middle%D9%AA20East%D9%AA20and%D9%AA20North%D9%AA20Africa/Sudan/2014%20/Final/Sudan%D9%AA202014%D9%AA20MICS_English.pdf
[6] رشاد ، حسن شوقي ، وزيد خضر (2019) دراسة إقليمية بعنوان "الإنصاف في الصحة الإنجابية في المنطقة العربية: الإنصاف والنجاح الاجتماعي" ؛ مركز البحوث الاجتماعية ، الجامعة الأمريكية بالقاهرة، صندوق الأمم المتحدة للسكان ASRO. متوفر على:
http://schools.aucegypt.edu/research/src/Documents/SRH-Inequities/Repr Product-Health-Equity-in-the-Arab-Region.pdf
[7] شيرين شوقي. قياس التفاوتات الجغرافية والثروة في التوزيع الصحي كأدوات لتحديد اللامساواة الصحية ذات الأولوية والسكان المحرومين. التطورات العالمية في الصحة والطب 2018: المجلد 7: 1-10.
[8] وكالة أونتاريو لحماية وتعزيز الصحة (الصحة العامة في أونتاريو). مقاييس موجزة للامساواة الاجتماعية والاقتصادية في الصحة. تورنتو ، أونتاريو: طابعة كوينز في أونتاريو؛ 2013.
[9] واجتساف أ، باتشي ب، فان دورسلاير إ. قياس التفاوتات في الصحة. العلوم الاجتماعية والطب 1991 ؛ 33 (5): 545-57.
[10]  آسادا ي. إطار قياس اللامساواة الصحية. J Epidemiol Community Health 2005;59:700–705. doi: 10.1136/jech.2004.031054.
[11] برايفمان ب. التفاوتات الصحية والعدالة الصحية: المفاهيم والقياس. Annu Rev Public Health 2006;27:167-94.
[12] كولمان ز، فان دورسلاير إ. حول تفسير مؤشر تركيز عدم المساواة. اقتصاديات الصحة 2004 ، 13: 649-656. متوفرعلى: http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/hec.884/epdf
[13] منظمة الصحة العالمية. كتيب عن رصد التفاوتات الصحية مع التركيز بشكل خاص على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. منظمة الصحة العالمية 2013
[14] اللجنة المعنية بالمحددات الاجتماعية للصحة (2008). تضييق الفجوة في غضون جيل واحد: العدالة الصحية من خلال العمل على المحددات الاجتماعية للصحة. التقرير النهائي للجنة المعنية بالمحددات الاجتماعية للصحة. جنيف، منظمة الصحة العالمية. متوفر على:
https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/43943/9789241563703_eng.pdf%D8%9Fsequence=1


 


[1] مؤشر عدم المساواة index of dissimilarity (ID) هو مقياس لتوزيع المجموعات وفقاً لعدم المساواة. يفترض هذا المؤشر أنه في ظل المساواة الكاملة، فإن نصيب كل فرد من الرعاية الصحية سيكون مساويًا لحصة الآخرين ضمن المجموعة السكانية التي ينتمي إليها. يقدم هذا المؤشر رقمًا واحدًا يعبر عن مقدار اللامساواة التي تشمل جميع المجموعات الفرعية للسكان. يمكن أيضًا تفسيره على أنه النسبة المئوية النسبية  (rID٪) التي يجب أن تتغير من أجل الوصول الى توزيع متساوٍ. تصنف نسبة rID إلى منخفضة (<5٪) ومتوسطة (5- <10٪) وعالية (> 10٪( [7, 8-13]

[2] مؤشر التركيز (CI) هو مقياس لنسبة اللامساواة يقيس مدى تركز المؤشر الصحي بين الفئات المحرومة وتلك الأكثر حظاً. يتم حسابه على أنه ضعف المساحة الواقعة بين خط المساواة الافتراضي ومنحنى التركيز. عندما لا يكون هناك تفاوت، فإن مؤشر التركيز يساوي 0. ويكون ذات قيمة سلبية عندما يتركز المؤشر الصحي بين الفئات المحرومة وذات قيمة إيجابية عندما يتركز المؤشر الصحي بين الفئات الأكثر حظاً. تمثل نسبة rCI٪ الحاجة إلى إعادة توزيع مؤشر التركيز، ويتم حسابها كقيمة مطلقة لـ CI * 75 ، من أجل توفير مقدار عدم مساواة مماثل لـ rID٪ [7, 8-13].


شيرين شوقي - من كبار العلماء والباحثين في مركز البحوث الاجتماعية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وهي مفوضة في اللجنة الرفيعة المستوى للمحددات الصحية والبيانات واتخاذ القرار (اللجنة ثلاثية الأبعاد) التابعة لجامعة روكفلر - بوسطن.

 

الآراء الواردة هنا تعبر عن الرأي الشخصي للمؤلفة ولا تمثل بأي حال من الأحوال آراء البوابة العربية للتنمية ولا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.


الأكثر قراءة

وباء كورونا (كوفيد -19) في المنطقة العربية: فرصة من أجل تحول جذري

19 أكتوبر/تشرين الأول 2020

تهدف هذه المدونة إلى تسليط الضوء على تجربة كوفيد-19 في المنطقة العربية. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في 1 آب/أغسطس 2020[1]، تم تسجيل 962،861 إصابة بمرض فيروس كورونا في العالم العربي. يشكل هذا الرقم 5.5 % من الحالات المسجلة حول العالم. أكثر من نصف هذه الحالات يتركز في السعودية وقطر والعراق. إن نطاق انتشار العدوى كبير وقد تضاعف عدد الحالات المبلغ عنها في شهر تموز/ يوليو 2020. يتركز الفيروس في بعض البلدان في مجموعات ، بينما ينتشر في بلدان أخرى على نطاق واسع داخل المجتمع. حتى 1 آب / أغسطس 2020 بلغ عدد الوفيات بفيروس كورونا 17393 شخصاً وهو ما يمثل 2.6 بالمائة من حصيلة الوفيات حول العالم.[2] يرتفع عدد الوفيات في مصر والعراق والمملكة العربية السعودية والجزائر حيث شكلت هذه الوفيات ما نسبته 80 بالمئة من اجمالي الوفيات بكوفيد-19 في المنطقة. يبلغ معدل وفيات كورونا في المنطقة حوالي 2 بالمئة، إذا افترضنا أن كل الوفيات تم تسجيلها، وتتراوح النسبة بين 0.4 بالمئة في البحرين إلى 28.5 بالمئة في اليمن.

 

إذا ما دققنا في الإحصائيات ونظرنا الي الحالات المبلغ عنها وتوزعها في المنطقة بدلاً من النظر فقط بعدد الحالات، للاحظنا عدم تساوٍ في التوزيع بين بلدان المنطقة. حيث إن البلدان التي تتجاوز فيها حالات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد -19) توزع السكان هي دول مجلس التعاون الخليجي ذات الدخل المرتفع، أي الدول القادرة على وضع نظم ترصد فعالة وعلى اكتشاف الإصابات. في المقابل، إذا ما دققنا النظر في البلدان حيث تتجاوز الوفيات عدد حالات الكوفيد-19 المبلغ عنها، سوف نلاحظ أنها دول ذات اقتصادات ضعيفة (السودان واليمن) أو متوسطة (مصر والجزائر والعراق). لا يقدم هذا الاستنتاج دليلاً على عدم المساواة في التوزيع فحسب، بل هو دليل على وجود عدم إنصاف في التوزع بين البلدان. لو توفرت لدينا بيانات مفصلة توضح التفاوت في إصابات الكوفيد-19 والوفيات وفقاً للثروة أو التعليم أو أي عامل اجتماعي آخر، يمكننا أن نتوقع بروز تفاوتات مماثلة داخل البلدان التي تهمل الفئات الهشة والأكثر عرضة للإصابة بالعدوى ولديهم فرص أقل في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية.

 

تجدر الإشارة الى أننا نتوقع معدلات إصابة ووفيات بفيروس كوفيد -19 في المنطقة العربية أعلى من تلك المسجلة رسمياً. يمكن تصحيح الأرقام الرسمية في المنطقة فقط نسبة الى عدد الأفراد الذين تم فحصهم. ولكن كما هو الحال في كل مكان في العالم، فإن هذه الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي لوباء كوفيد-19.[3] بعض الدول العربية ليس لديها بيانات كاملة حول الحالات المبلغ عنها بينما تعاني دول أخرى من عدم القدرة على الإبلاغ عن الأعداد الفعلية بسبب قدراتها المخبرية المحدودة. حتى البلدان التي توفر فحوصاً مخبرية لمجموعات كبيرة لا تقوم بفحص أولئك الذين لا تظهر عليهم عوارض، حيث إن تكلفة الاختبار تثني الكثيرين عن القيام به، كما تخشى العمالة الوافدة من الطرد اذا ما تبينت اصابتها. كل هذه العوامل من شأنها أن تؤثر على عدد الحالات المبلغ عنها.[3] أما في البلدان التي تعاني من نزاعات مسلحة، فالوضع أكثر خطورة من ذلك. ليس لدينا سوى القليل جداً من المعلومات حول الوضع في اليمن وليبيا وسوريا والسودان، حيث أدت سنوات طويلة من الحرب والاضطرابات إلى تدمير أنظمة الرعاية الصحية في تلك الدول وقضت على قدرتها في تطبيق نظام لمراقبة تفشي المرض. وبالنتيجة، حتى الساعة، لا تستطيع أي بلد أن تقيم الحجم الحقيقي للوباء على أراضيها. واذا قدرنا أن العدد التقريبي الحقيقي المحتمل لإجمالي عدد الإصابات بـكوفيد-19، بناءً على عدد الوفيات المبلغ عنه[4]، هو حوالي 7 ملايين حالة في المنطقة العربية فذلك يدل علي أن الدول العربية اكتشفت فقط حوالي 14 بالمئة[1] من الحالات الحقيقية. ونعتقد أيضاً أن هذا الرقم يقلل من الحجم الحقيقي للإصابات، حيث قد يتم إغفال العديد من الوفيات في الإحصاءات الوطنية وقد يكون الوباء أكثر اتساعاً مما نظن.

 

لا تزال دول المنطقة غير قادرة على تحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر. المعلومات واضحة حول كبار السن وذوي الأمراض المزمنة والذين هم أكثر عرضة للإصابة والوفاة بسبب كوفيد-19. هذه الفئات من السكان هي الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأي مرض أو للوفاة وليس بالضرورة بسبب انتشار كوفيد-19. ورغم أن العديد من الدول العربية تنشر إحصاءاتها حول كوفيد-19 على مواقعها الحكومية ومن خلال وسائل الإعلام الرسمية من أجل متابعة انتشار الوباء، إلا أنه لا توجد بيانات مفصلة لتحديد من وأين ومتى تحدث الحالات وكيف يتم التعافي أو الوفاة. من شأن ذلك أن يخفي عوامل الخطر الكامنة الحقيقية. علاوة على ذلك، لا تولي هذه الدول قدراً من الاهتمام بالفئات الهشة، والذين ليسوا بالضرورة الأكثر عرضة للخطر. لا نستغرب بالتالي عدم الإنصاف في الصحة حيال الفقراء وسكان مخيمات اللاجئين والتجمعات السكانية العشوائية.

 

على الرغم من أن التكلفة البشرية للوباء مرتفعة، إلا أن تأثير كوفيد-19 ملموس بشكل أكبر على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. في كل يوم، يفقد المزيد من الناس وظائفهم ومصدر دخلهم، والأكثر عرضة هم النساء وأولئك الذين يعملون في القطاع غير الرسمي. جميع القطاعات الوطنية قد تأثرت تقريبًا، وهناك العديد من الأمثلة الملموسة. وفقًا لبيانات اليونسكو، أغلقت جميع الدول العربية مؤسساتها التعليمية خوفًا من انتشار الوباء وقد تأثر بذلك حوالي 96.2 مليون طالب بنهاية أيار/مايو 2020 (نهاية العام الدراسي). في المقابل، سارعت الدول إلى اعتماد التعلم عبر الإنترنت والتعليم الافتراضي. ورغم هذا الإجراء فإنها لم تستطع مجاراة هذا التغيير في العام 2019، حيث لم يستخدم سوى 51.6 % فقط من الطلاب الإنترنت وفقط 51.9 بالمئة من الأسر توفر لديها أجهزة كمبيوتر. وكذلك تعرض الأمن الغذائي للخطر في العديد من البلدان ولا سيما في الاقتصادات الضعيفة وفي البلدان المتضررة من النزاعات. من جانب آخر، فإن الأمن الغذائي عرضة للخطر في العديد من البلدان، ولا سيما في الاقتصادات الضعيفة والبلدان المتضررة من النزاعات. ومن المتوقع أن يكون لنقص الغذاء تأثير سلبي على الأراضي المزروعة وأن يترتب عليه زيادة في أسعار المواد الغذائية. أما بالنسبة لقطاع السياحة، فقد تأثر بشدة، مع انخفاض معدلات إشغال الفنادق ومعدلات السياح وخلو الأماكن السياحية وهجران الشواطئ. إضافة الى ذلك، فإن العديد من الدول، بما فيها العراق وليبيا وسوريا واليمن، تعاني من حركات التمرد والتهديدات الإرهابية والحروب الأهلية، التي أدت إلى سقوط آلاف الضحايا وتشريد الملايين قسراً داخلياً وخارجياً. وكما هو الحال في كل مكان، تعاني جميع الدول العربية، من ضعف الإنتاج، وزيادة معدلات الفصل من العمل، وتراجع الإيرادات، والخسائر الاقتصادية الكبيرة.

 

إن هذا الوباء هو بمثابة جرس إنذار لجميع البلدان كي تعيد النظر في سياساتها واستراتيجياتها. إن واقع الإحصائيات المتداولة حول كوفيد-19 هو مجرد انعكاس لتاريخ طويل من ضعف في أنظمة المعلومات. ولا يزال إنتاج واستخدام الأدلة في صنع القرار السياسي يشوبه القصور، وهذا هو السبب الأساسي للعديد من السياسات الفاشلة.

 

أظهر فيروس كورونا الضعف الخطير في أنظمة الرعاية الصحية. وتتحمل أنظمة الرعاية الصحية المنهكة عبءً مزمناً جراء ضعف الاستثمار في الرعاية الصحية طوال العقود الماضية.[2] وبشكل عام، لا تمتلك الأنظمة الصحية في العديد من الدول العربية بنية تحتية للرعاية الصحية تخولها التعامل مع أزمة بهذا الحجم. لا يوجد في المستشفيات ما يكفي من الأسرة ومن وحدات العزل، كما تفتقر المستشفيات إلى المتخصصين المدربين في الرعاية الصحية وهي غير قادرة على تلبية احتياجاتها من الأدوية.

 

إلى ذلك يضاف أن العديد من البلدان غير قادرة على توفير الفحص الجماعي لـكوفيد-19 أو توفير الاستشفاء لجميع الحالات. ففي سوريا واليمن والعراق، لم تعاني البنية التحتية للرعاية الصحية في العقود القليلة الماضية من ضعف التمويل ونقص الموارد فحسب، بل تأثرت أيضًا بتدمير مرافق الرعاية الصحية أثناء القصف المستمر وبموت أو مغادرة مقدمي الرعاية الصحية.[3] ففي سوريا، 46٪ من المستشفيات والمرافق الصحية الأساسية غير عاملة أو تعمل جزئيًا[5]، بينما في اليمن أكثر من نصف مرافق الرعاية الصحية لا تعمل أو تعمل جزئيًا.[6]
 

سلط كوفيد-19 الضوء على أوجه القصور في جهود التنمية. ففي الاقتصادات العربية الضعيفة والمتوسطة لا يحصل الفقراء واللاجئين والنازحين سوى على قدر محدود من مياه الشرب النظيفة والتغذية الكافية والصرف الصحي والمأوى والرعاية الصحية والتعليم[3] مما يعيق الامتثال لتدابير الوقاية الوطنية ويعيق أدارة خدمات الرعاية الصحية، وبالتالي يزداد خطر الإصابة والوفاة بكوفيد-19. 

 

وكذلك سلط كوفيد-19 الضوء على أوجه القصور في أنظمة الحماية الاجتماعية في المنطقة. سعت العديد من البلدان الى تخفيف العبء الاجتماعي والاقتصادي عن كاهل الفقراء وأولئك الذين يعملون في القطاع غير الرسمي. كما وفروا المأوى والرعاية الصحية للاجئين والنازحين. ولكن، الخسائر الاقتصادية هائلة ولا تستطيع الاقتصادات الضعيفة والمتوسطة أن تتحملها. تظهر الأدلة حجم الأعباء الصحية في الاقتصادات الضعيفة والمتوسطة، حيث إن نسبة الإنفاق الشخصي على الصحة من إجمالي الإنفاق الصحي تتجاوز في 8 دول المتوسط العالمي، فتتراوح بين 33٪ في لبنان إلى أكثر من 70٪ في السودان وجزر القمر (قاعدة بيانات الإنفاق الصحي العالمي التابعة لمنظمة الصحة العالمية، البوابة العربية للتنمية).

 

إن جائحة كوفيد -19 هي دعوة عالمية للاهتمام الصادق ببناء دول قادرة على التكيف "لا يغفل فيها أي فرد". لقد برهن هذا الوباء بشكل واضح أن السياسات المجزأة للتخفيف من المعاناة الصحية والاجتماعية ليست كافية وستفشل أمام أي أزمة ناشئة. سوف تؤدي الحزمة الحالية من السياسات العامة حتماً الى إنتاج نقاط ضعف اجتماعية وصحية يرافقها توزيع غير منصف للسلطة والموارد الاقتصادية. ها هي الفرصة قد أتيحت من أجل تحويل السياسات والإصلاحات وهو أمر مطلوب بشكل ملح من أجل نقل المنطقة العربية نحو مسار مستدام وقادر على التكيف.

 

في الختام، إن جائحة كورونا هي أكثر بكثير من مجرد أزمة صحية. فلقد أثرت على المجتمعات والاقتصادات. وما هي إلا موروث سنوات طويلة من قلة الاستثمار في الصحة ومن السياسات المتجزأة.  وفي حين أن تأثير جائحة كورونا يختلف من بلد إلى آخر، إلا أن خسائرها الاقتصادية وتفاقم عدم المساواة الناتج عنها أمر شبه محتوم. غير أن هذا الوباء يقدم لنا الفرصة من أجل القيام  بتحول سياسي جذري ينقذ الصحة والثروة في المنطقة العربية.

 

 

المصادر:

[1] منظمة الصحة العالمية. تقرير حالة مرض فيروس كورونا (COVID-19) - 194. البيانات كما تلقتها منظمة الصحة العالمية من السلطات الوطنية بحلول الساعة 10:00 بالتوقيت الصيفي لوسط أوروبا ، 1 آب\أغسطس 2020. متوفر على:
https://www.who.int/docs/default-source/coronaviruse/situation-reports/20200801-covid-19-sitrep-194.pdf?sfvrsn=401287f3_2 [تم الدخول في 3 آب\أغسطس 2020].
[2] معهد دراسات الشرق الأوسط. جائحة كوفيد -19 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مشروع العلوم السياسية في الشرق الأوسط (POMEPS) ، من إخراج مارك لينش ، معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن وبدعم من مؤسسة كارنيجي في نيويورك ومؤسسة هنري لوس. متوفر على: https://pomeps.org/wp-content/uploads/2020/04/POMEPS_Studies_39_Web.pdf [تم الدخول في 22 تموز/يوليو 2020].
[3] نيك ويلسون. تعليقات للمؤلف أماندا كفالسفيج ولوسي تيلفار بارنارد ومايكل جي بيكر. تقديرات مخاطر الوفاة في حالة COVID-19  محسوبة باستخدام وقت تأخير للوفاة. الأمراض المعدية الناشئة ، www.cdc.gov/eid ، المجلد. 26 ، العدد 6 ، يونيو 2020 ؛ المجلد 26، العدد 6 يونيو 2020. متوفر على: https://wwwnc.cdc.gov/eid/article/26/6/20-0320_article [تم الدخول في 15 أيار/مايو 2020]ز
[4] منظمة الصحة العالمية. تعزيز أنظمة التمويل الصحي في إقليم شرق المتوسط نحو التغطية الصحية الشاملة: أطلس التمويل الصحي 2018. منظمة الصحة العالمية. المكتب الإقليمي لشرق المتوسط. متوفر على https://applications.emro.who.int/docs/EMROPUB_2019_EN_22347.pdf [تم الدخول في 20 أيلول\سبتمبر 2020].
[5] مجموعة التوجيه الاستراتيجي لسوريا بأكملها (SSG). مارس 2019. خطة الاستجابة الإنسانية (HRP) لعام 2019. الجمهورية العربية السورية. [عبر الإنترنت] متوفر على: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2019_Syr_HNO_Full.pdf [تم الدخول 27 نيسان\أبريل 2020].
[6] مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 2020. لمحة عامة حول العمل الإنساني عالمياً 2020. [أونلاين] متوفر على:https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/GHO-2020_v9.1.pdf [تم الدخول في 18 أيار\مايو 2020].
[7] معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية. السياسات التحويلية من أجل التنمية المستدامة: ما الذي يتطلبه الأمر؟ معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية، موجز البحوث والسياسات 23، أغسطس 2017. متوفر على: http://www.unrisd.org/80256B3C005BCCF9/(httpAuxPages)/6456C5E375AEE153C1258176003FBF05/$file/RPB23-Transformative-Policies-Flagship2016.pdf [تم الدخول في 27 مايو/أيار 2020].
[8] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). المراقبة العالمية لإغلاق المدارس بسبب COVID-19. متوفر على: https://en.unesco.org/covid19/educationresponse [تم الدخول 25 آب/أغسطس 2020].
[9] الاتحاد الدولي للاتصالات. 2020. بيانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية والإقليمية. [أونلاين] متوفر على: https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Documents/statistics/2019/ITU_Key_2005-2019_ICT_data_with%20LDCs_28Oct2019_Final.xls  [تم الدخول في 26 آب/أغسطس 2020].

 


[1] تستند حسابات المؤلف على بيانات منظمة الصحة العالمية

 


شيرين شوقي - من كبار العلماء والباحثين في مركز البحوث الاجتماعية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وهي مفوضة في اللجنة الرفيعة المستوى للمحددات الصحية والبيانات واتخاذ القرار (اللجنة ثلاثية الأبعاد) التابعة لجامعة روكفلر - بوسطن.

 

الآراء الواردة هنا تعبر عن الرأي الشخصي للمؤلفة ولا تمثل بأي حال من الأحوال آراء البوابة العربية للتنمية ولا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

 

الأكثر قراءة

توقّعات الاقتصاد الكلي في المنطقة العربية: تخطّي الضائقة المالية خلال أزمة "كوفيد-19"

23 يوليو/تموز 2020

 

 

كان لتفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" وتدابير الإغلاق الناتجة عنه أثر كارثي على اقتصادات العالم بأسره، بما في ذلك اقتصادات البلدان العربية. كما أن مستوى الضائقة المالية الذي تعاني منه الحكومات في أنحاء العالم بسبب هذا الوباء العالمي غير مسبوق. بالإضافة إلى ذلك، ترزح القنوات التي تتسبب تقليدياً بأثرٍ مشابه تحت وطأة متغيّرات داخلية وخارجية تُفاقم الوضع.

 

القناة المالية الأولى متصلة بتراجع الإيرادات الحكومية الناجم عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبالتالي الاقتصادات العربية. يعكف "صندوق النقد الدولي" على مراجعة توقعات النمو للاقتصاد العالمي. في منشور صادر في أبريل/نيسان 2020، نقحّ الصندوق توقعات النمو لجميع البلدان العربية بتخفيضها، حيث من المتوقع أن تُسجل جميعها، باستثناء مصر، نمواً سلبياً. وبحسب "البنك الدولي" (2020أ)، من المرجح أن يُكلِّف أثر الجائحة البلدان العربية نحو 3.7 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي الجماعي، أي ما يساوي نحو 42 مليار دولار أميركي. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع أن يؤدي أثر الجائحة إلى خسارة 1.7 مليون وظيفة في المنطقة العربية، ووقوع 8.3 مليون شخص جديد في الفقر (الإسكوا، 2020أ).

 

ومن المتوقع أيضاً أن تتباطأ التدفقات السنوية للاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل كبير في البلدان العربية مع تراجع متوقع يصل إلى 45 في المئة في عام 2020 بالمقارنة مع 2019، لتصل إلى 17.8 مليار دولار أميركي (الإسكوا، 2020ب) مع تقديرات متحفظة تتراوح بين 14 في المئة في الكويت و45 في المئة في العراق (شيمينغي وبن جليلي، 2020). يتعزّز هذا الأثر بسبب الحجم المهم للسياحة في عدد من الاقتصادات العربية، بما أن السياحة تُشكل نحو 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الجماعي في المنطقة العربية وتقدم أكثر من 4.5 مليون فرصة عمل (غنيم، 2020). أعراض التباطؤ الاقتصادي هذه في البلدان العربية، مقترنة بانهيار أسعار النفط، وبالتالي التحويلات (والتي من المتوقع أن تتراجع بنسبة 19.3 في المئة في 2020 بالمقارنة مع 2019، بحسب توقعات البنك الدولي للمنطقة العربية (البنك الدولي، 2020ب))، تُشكِّل انخفاضاً هائلاً في الإيرادات الحكومية في البلدان العربية، سواء بشكلٍ مباشر بالنظر إلى عدم قدرة الحكومات على تحصيل الضرائب، أو بشكلٍ غير مباشر بسبب تبعات هذا التباطؤ التي قد تستمر لسنوات.

 

أما القناة الثانية فهي متصلة بالارتفاع النسبي في الإنفاق الحكومي في إطار "برامج التحفيز" والتدابير التي اعتمدتها الحكومات العربية لاحتواء التبعات السلبية للجائحة. وقد اختلف مقدار الموارد المالية التي خصصتها هذه الحكومات بشكل كبير وتأثّرت بالوضع الاقتصادي والقدرات المالية لكل بلد. وتراوحت التدخلات التي اعتمدتها الحكومات العربية حتى الآن بين توفير المساعدة المالية إلى المؤسسات الاقتصادية، وضمان دفع أصحاب العمل لرواتب العمال الوافدين وأجورهم، وتوجيه المساعدة المالية وقسائم المعونة الغذائية إلى الأسر المعيشية الفقيرة. وبالإضافة إلى ذلك، عمدت بعض الحكومات إلى تخفيف الضرائب أو إلغائها على بعض الأنشطة الاقتصادية أو لبعض فئات الدخل لفترات زمنية محددة، بالإضافة إلى تدابير مالية أخرى اتخذتها البنوك المركزية (صندوق النقد الدولي، 2020). وتشكّل قيمة التدابير المالية التي اعتمدتها وزارات المالية في البلدان العربية 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الجماعي العربي تقريباً، ووصلت إلى 3.8 في المئة في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية (صندوق النقد الدولي، 2020).

 

وكانت محصّلة أول قناتين "ضغطاً مالياً" مع تراجع كبير في العائدات وارتفاع حاد في الإنفاق الجاري والقصير الأمد. وبالتالي، ارتفع العجز في الميزانية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وتتراوح التوقعات بهذا الشأن من 2 نقطة مئوية في مصر إلى حوالي 7 نقاط مئوية بالنسبة لدول مجلس التعاون و11 نقطة مئوية في الجزائر. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تعاني البلدان التي كانت تتمتع بفائض في الميزانية مثل الكويت وليبيا، من عجز في ميزانيتها (صندوق النقد الدولي، 2020)، ويعزى ذلك بالنسبة إلى ليبيا إلى النزاع العنيف الدائر هناك.

 

وتعتبر هذه التقديرات متحفظة للغاية ومن المتوقع أن تتم مراجعتها صعوداً. وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد في أنحاء العالم (الأمم المتحدة، 2020)، وفي البلدان العربية تحديداً إثر تفشي فيروس كورونا المستجد والانخفاض الحاد في أسعار النفط والنزاع المستمر في بعض هذه البلدان. وبالتالي من المتوقع جداً ألا تتمكن البلدان العربية من إيجاد سبل أخرى لتمويل ميزانياتها، وتحديداً مع تدهور الوضع بالنسبة لأسعار النفط، والسياحة والأنشطة الاقتصادية الكبرى العربية الأخرى مثل النقل والخدمات اللوجستية.

 

وقد كشف تفشي فيروس كورونا المستجد أيضاً ضعف قدرة العديد من البلدان العربية على احتواء الجائحات الصحية، أسوة بالكثير من البلدان الأخرى في العالم. في الواقع، يبيّن تصنيف عدة بلدان عربية في "مؤشر الأمن الصحي العالمي" أرقاماً متواضعة حيث حلّت بعض البلدان العربية ضمن الأسوأ في العالم، وتحديداً سوريا واليمن والسودان وجيبوتي وموريتانيا. ونتيجة لذلك، من المتوقّع أن تُخصّص الحكومات العربية موارد مالية إضافية لتحسين أنظمتها الصحية على الأمدين المتوسط والطويل، سواء عبر تعزيز بنيتها التحتية الصحية، التعامل مع جائحات مماثلة أو تحسين أنظمة التأمين الصحي. ومن المتوقع أن تكون خطط "الإنقاذ" في أعقاب أزمة كورونا التي من المتوقع تقديمها للسماح للاقتصادات العربية بأن تتكيّف مع الوضع، مهمة. كما من المرجح أن يتسبب عدم الاستقرار السياسي والنزاعات العنيفة في عدة بلدان عربية بتضييق المجال المتاح للسياسات المالية للحكومات العربية بشكل أكبر.

 

وباختصار، فإن المشهد المالي يبعث على القلق. عدم اليقين المتصل بموعد انتهاء أزمة فيروس كورونا سيُفاقم الوضع على الأرجح. كما أن البلدان العربية ستجد صعوبة أكبر في احتواء الأثر السلبي للأزمة على مواطنيها بسبب قدرتها المالية المحدودة على التحمل. ومن المرجح أن تتواصل هشاشة الوضع المالي للحكومات العربية ما سيؤثر سلباً على توازن الاقتصاد الكلي.

 

 

المراجع:

[1] الإسكوا (2020أ)، "الاستجابة الإقليمية العاجلة للتخفيف من تداعيات وباء كورونا العالمي"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.unescwa.org/oes-speeches/regional-emergency-response-mitigate-impact-covid-19
[2] الإسكوا (2020ب)، "آثار جائحة كوفيد-19 على الاقتصادات العربية – التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر"، E/ESCWA/2020/Policy Brief 6، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.unescwa.org/sites/www.unescwa.org/files/20-00152-ar_impact-covid-19-trade-investment.pdf
[3] غنيم، أحمد فاروق (2020)، "التوقّعات بشأن أثر فيروس كورونا المستجد على التجارة في البلدان العربية"، البوابة العربية للتنمية، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.arabdevelopmentportal.com/ar/blog/exploring-potential-impact-covid-19-trade-arab-region
[4] صندوق النقد الدولي (2020)، "آفاق الاقتصاد العالمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.imf.org/ar/Publications/REO/MECA/Issues/2020/04/15/regional-economic-outlook-middle-east-central-asia-report
[5] جون هوبكينز، كلية بلومبرغ للصحة العامة بالتعاون مع وحدة المعلومات الاقتصادية (2019)، "مؤشر الأمن الصحي العالمي"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.ghsindex.org/wp-content/uploads/2020/04/2019-Global-Health-Security-Index.pdf
[6] الأمم المتحدة (2020)، "الديون و"كوفيد-19": استجابة عالمية للتضامن" (باللغة الإنغليزية)، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.un.org/sites/un2.un.org/files/un_policy_brief_on_debt_relief_and_covid_april_2020.pdf
[7] البنك الدولي (2020أ)، "كيف يمكن للشفافية أن تساعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، التقرير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجموعة البنك الدولي، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.albankaldawli.org/ar/region/mena/publication/mena-economic-update-april-2020-how-transparency-can-help-the-middle-east-and-north-africa
[8] البنك الدولي (2020 ب)، "البنك الدولي يتوقع أكبر تراجع في التحويلات في التاريخ الحديث"، بيان صحفي متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2020/04/22/world-bank-predicts-sharpest-decline-of-remittances-in-recent-history

 

 

أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. وهو باحث في منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية (ERF) في مصر، وفي مركز البحث الاقتصادي والاجتماعي (CASE) في بولندا.

 

إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

الأكثر قراءة

الأمل الذي نتمسّك به: هل يُغيّر كوفيد-19 سلوك المستثمرين؟

دينا ح. شريف وعادل بحصلي, 11 مايو/أيار 2020

لو حصلنا على دولار واحد في كل مرّة قرأنا مقالةً أو حضرنا "ويبينار" حول فيروس كورونا وكيف سيغيّر النظام العالمي، فسنتمكّن على الأرجح من التقاعد بحلول نهاية هذه الجائحة وهذا الانهيار الاقتصادي السريع. باعتبارنا شخصين يعملان في مجال ريادة الأعمال والابتكار منذ أكثر من عقد من الزمن ونطالب باستمرار باستثمارات تتمحور بشكل أكبر حول الأثر، فإن الأمل الأكبر الذي نتمسك به هو أن تُجبِر الجائحة المستثمرين على الرجوع خطوة إلى الوراء، والتوقف مؤقتاُ، والتفكير ليدركوا أنّ عليهم هم أيضاً أن يتغيّروا.

 

وفي مسعى إلى ترجمة هذا الأمل إلى واقع، جمع "مركز "ليغاتوم" لريادة الأعمال والتنمية التابع لـ" معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" مجموعة من أصحاب رؤوس الأعمال الاستثمارية ومستثمرين في الشركات الناشئة من أنحاء العالم لمناقشة ماضي الاستثمار العالمي وحاضره ومستقبله مع تركيز على الدور الذي يمكن، وينبغي، أن يضطلع به مجتمع المستثمرين في تحديد مستقبل العالم.

 

وبالعودة بضعة أشهر إلى الوراء فقط، يبدو أن السؤال كان بالنسبة إلى هؤلاء يتمحور حول أي من قطاعات الأعمال سيكون له العائد المالي الأعلى. وبحسب ديفيد روز، المؤسّس والرئيس التنفيذي لـ "غاست" ومؤسِّس "نيويورك أنجلز": "اتسّمت العقود الأخيرة بالطموح في سوق مزدهر. خاطر الناس بأمور كانت فرص نجاحها ضعيفة كما كانت تقييمات الشركات الناشئة هنا في الولايات المتحدة مرتفعة للغاية، من دون تغييرات أساسية في سبل الخروج". وقد بدا أن بعض رواد الأعمال كانوا يعتقدون أنه كلما ازدادت الأموال التي يمكنك جمعها، وكلما صرفتها بشكل أسرع، سيكون بإمكانك أن تنمو وتطورّ أكثر. بطريقة ما، بدا أن العديد من المستثمرين لم يكن لديهم مشكلة في ذلك.

 

كما شهدنا في العقد الأخير، موجة متصاعدة من "الاستثمارات المؤثِّرة" إذ تم الضغط على المستثمرين لكي يفكّروا إلى ما هو أبعد من العائدات المالية. وعلى الرغم من النجاح الذي حقّقته العديد من صناديق الاستثمارات المؤثّرة في أنحاء العالم، فإن هذه الموجة لا تزال في بداياتها إذ ما زال العديد من هذه الصناديق يعمل على إقناع الشركاء المحدودين [الصامتين الذين لا يلعبون دوراً فعالاً في إدارة الشركات] بأن عائداتها مربحة. لكن صعود الاستثمار المؤثّر لم يكن قد تحوّل إلى حركة حقيقية حين تفشّت جائحة كورونا.

 

لننتقل إلى وضعنا اليوم في ظل أزمة كورونا، فقد دخلت العديد الشركات الناشئة في مرحلة الاحتضار المُبكر نتيجة لنضوب السيولة، ونماذج الأعمال الضعيفة وفرق العمل المبالِغة في تقدير أهميتها. يبحث رواد الأعمال الآن عن مستثمرين يكونون منقذين لهم عبر تزويدهم بمزيد من السيولة، ويُمضي المستثمرون ليالٍ لا يعرفون فيها طعم النوم وهم يفكّرون بما الذي سينجو في حافظة استثماراتهم وما الذي يستحق فعلياً أن ينقذوه. وبحسب هيزر هنيون، الشريكة العامة المؤسِّسة لشركة "مايندشفت كابيتال": "نريد أن نتأكد من بقاء الشركات التي استثمرنا فيها". بدوره، يقول فادي غندور، العضو المنتدب لشركة "ومضة كابيتال": "المستثمرون سيمنحون الأولوية للشركات التي لديها نماذج أعمال جدية وقوية، حتى لو كانت تعاني من مشاكل في التدفقات المالية على الأمد القصير. نماذج الأعمال غير المستدامة لن تصمد. كما لن ينجو "ملتهمو السيولة". لم يعد ينفع السعي إلى تحقيق النمو بأي ثمن. والسبيل الوحيد للاستمرار هو أن يكون النمو معقولاً وأن يكون هناك مساراً واضحاً لتحقيق الربحية...".

 

غادرنا المحادثة الأولى مع المستثمرين وفي أنفسنا بعض التفاؤل لأن المستثمرين خصصوا الوقت اللازم لطرح الأسئلة الصائبة. لعلّ فادي غندور كان أفضل من عبّر عن ذلك حين قال: "لقد تغيّر العالم فعلياً وعلينا مراجعة كيف نستثمر، وما الذي نستثمر فيه، وما الأثر الذي نخلقه حين نستثمر".  لقد خصّص المستثمرون، أقلّه أولئك الذين تحدّثنا إليهم، بعض الوقت للتفكير فيما إذا كانوا قد استثمروا، أو لم يستثمروا، في مجال الأعمال الملائم.

 

وإذ نتطلع إلى المستقبل، نُدرِك أن ممارسة الأعمال كما اعتدنا أن نفعل لم تعد خياراً متاحاً. الشهران المنصرمان لم يكشفا لنا وحسب مدى عدم جهوزية أنظمة الرعاية الصحية الوطنية في بلادنا، وإنما كشفا لنا الفجوات القائمة في جميع الأنظمة. ومع تحوّل اقتصادنا إلى العالم الافتراضي، تشهد القطاعات تحولّات متسارعة، وبدأت تبرز قطاعات جديدة. هذا وقد بدأ المستثمرون بالفعل يفكّرون في هذه القطاعات النامية مثل التكنولوجيا المالية، وتكنولوجيا التعليم، والتجارة الإلكترونية، والخدمات اللوجستية، ومنصات التطبيب عن بعد والعمل عن بعد. اللائحة تطول. وبما أن وتيرة الاستثمارات خفّت لاستيعاب الواقع الجديد، إلا أنّها لم تتوقّف ولا نزال نشهد إبرام صفقات استثمارية في عدد من الأسواق الناشئة، لا سيما بالنسبة إلى الحلول المتعلقة بالجائحة.

 

هذا ينقلنا ربما إلى نقطتنا الأخيرة. فنحن نعيش لحظات تاريخية، وما من عودة إلى الوراء. لذا فإن الحاجة إلى الابتكار لتحويل الأنظمة الحالية المنهارة بوضوح، لن تكون أكبر مما هي عليه الآن. وبالتالي فإن الحاجة إلى رؤوس الأموال المُخاطِرة كبيرة. وتماماً كما نطلب من صنّاع السياسات والشركات الكبيرة ورواد الأعمال أن يتحسّنوا ويقدموا أداء أفضل بحيث لا نجد أنفسنا مرة أخرى في أزمة مماثلة لتلك التي نعيشها الآن، نطلب من المستثمرين كذلك أن يحذوا حذو هؤلاء. صحيح أن رأس المال مهم، وإنما سبل استخدام رأس المال مهمة هي الأخرى.

 

للمستثمرين دور يضطلعون به تحديد معالم مستقبل جميع الأنظمة والقطاعات التي تمسّ بحياتنا، ونريد منهم أن يأخذوا هذا الدور على محمل الجدّية. لا تحصروا تفكيركم في الاستثمار في مؤسَّسة بعينها تُدرّ لكم عائدات كبيرة. بل فكّروا في الاستثمار في عدد من المؤسسات التي من شأنها أن تؤسس قطاعاً بطريقة تكون شاملة ومستدامة وقادرة على الصمود. وكذلك اطرحوا أسئلة أفضل. وأسئلة إضافية. احرصوا على أن تكون محادثاتكم أفضل، ليس فقط مع رواد الأعمال الذين تختارون الاستثمار فيهم، وإنما أيضا مع زملائكم المستثمرين والجهات الأخرى الفاعلة في المنظومة بشكل عام. لقد أجبرنا فيروس كورونا جميعاً على التوقف موقّتا. استخدموا هذا التوقّف المؤقت للتغيير من أجل الأفضل وليبدأ هذا التغيير الآن.

 


 

نشر هذا المقال للمرة الأولى في مركز "ليغاتوم" التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. أعيد نشره من قبل بوابة التنمية العربية  بعد الحصول على إذن من المركز. إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية.

 

https://legatum.mit.edu/resources/will-covid-19-change-investor-behavior-we-sure-hope-so/?fbclid=IwAR2ncWNf7DnO5e2ytCPKbm6WQCwG9TrPiLG23jJmg2nbblrOzg1zEqeXecA

دينا ح. شريف وعادل بحصلي دينا ح. شريف وعادل بحصلي

الأكثر قراءة

التوقّعات بشأن أثر فيروس كورونا المستجد على التجارة في البلدان العربية

أحمد غنيم, 07 مايو/أيار 2020

على الرغم من الصدمة غير المسبوقة التي أصابت الاقتصاد العالمي من جراء "فيروس كورونا المستجد" (COVID-19)، لا يزال مدى  الأثر النسبي لهذا الفيروس على البلدان العربية غير واضح. تهدف هذه التدوينة إلى تحديد السِمات المحددة لهذه الصدمة على البلدان العربية، مع تركيز خاص على التوقعات التجارية، وتسعى أيضاً إلى تحديد القنوات التي من المرجّح أن ينتقل عبرها هذا الأثر .

 

تُعتبر علاقة البلدان العربية بالنفط والصدمة التي لحقت بأسواق السلع النفطية من بين العوامل التي ستؤثّر على الطريقة التي ستشهد من خلالها هذه البلدان التبعات الاقتصادية الكارثية لهذه الجائحة. إذ تعتمد البلدان العربية بشكل كبير على أسعار النفط، سواء بشكل مباشر بالنسبة إلى البلدان المُنتجة مثل بلدان الخليج، أو بشكل غير مباشر (مثلاً عبر قناة التحويلات). تجدر الإشارة إلى أنّ 14 بلداً من البلدان الأعضاء في "جامعة الدول العربية" هي من البلدان المنتجة للنفط و/أو الغاز الطبيعي. ويُشكّل النفط والغاز في المتوسط بين 30 و60 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية. وتشكّل إيرادات النفط 47 في المئة من الإيرادات المالية الحكومية في بلدٍ مثل اليمن، و97 في المئة في بلدٍ مثل العراق، بينما تتراوح هذه النسبة في بلدان الخليج بين هذين الرقمين.[1] وتُشكّل التحويلات شريحة كبيرة من إيرادات النقد الأجنبي في بلدان مثل تونس، والمغرب، ومصر ولبنان. في عام 2018، بلغت التحويلات إلى المنطقة العربية 62 مليار دولار أمريكي، بارتفاع بنسبة 8 في المئة عن عام 2017.[2] وقد أدى تفشي جائحة كورونا إلى انهيار أسعار النفط: انخفضت سلة أسعار "أوبك" اليومية إلى 17.73 دولار للبرميل في 16 أبريل/نيسان، [3] بالمقارنة مع 51.68 دولار في 2 آذار/مارس.[4] كما انخفضت الأسعار بأكثر من 70 في المئة مما كانت عليه في ديسمبر/كانون الأول 2019 حين كانت تبلغ 64 دولار أميركي للبرميل[5] وذلك بسبب الخلافات بين كبار منتجي النفط في العالم بعد تفشّي فيروس كورونا في بداية مارس/آذار 2020.[6] كان سعر النفط الذي يحقق تعادلاً بين التكلفة والربح في بلدان الخليج 70 دولار أمريكي قبل الجائحة وأصبح استمرار ارتفاع الإنفاق بعد ذلك مُرجّحاً.[7] ومع اختناق الاقتصاد العالمي بفعل تفشّي الفيروس، بما في ذلك في أكبر عشرة اقتصادات عالمية،[8] فمن المرجح أن يستمر هذا التوجّه. كما أنّ الضغط على أسعار النفط سيزداد على الأرجح بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع التجارة العالمية (بسبب تأثير  فيروس كورونا المستجد والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة[9]). ونتيجة لذلك، ستتأثر شريحة كبيرة من التجارة العربية سلبياً. ولن تُفلِت الاقتصادات العربية وآفاق تبادلاتها التجارية من هذا الأثر في ظل تراجع التجارة العالمية بسبب تعطل أنظمة الإنتاج عالمياً وازدياد العجز في الميزانيات في جميع أنحاء العالم.

 

أما الأثر الثاني للجائحة المتصل تحديداً بالبلدان العربية، وهي جميعها بلدان مستوردة صافية للأغذية، فهو ازدياد التهديدات التي تتربّص بالأمن الغذائي. هذا وتعتبر البلدان العربية بالفعل في مصاف البلدان الأكثر عرضةً لانعدام الأمن الغذائي بسبب آثار التغيّر المناخي، والنمو السكاني الكبير وشحّ المياه. كما أنّ معدلات انتشار سوء التغذية والتقزّم لدى الأطفال خطيرة في المنطقة العربية.[10] بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التهافت على شراء الأغذية بدافع الهلع في ظل تفشّي الجائحة وعدم اليقين بخصوص مدتها وآثارها النهائية، وإعادة النظر في سبل إدارة الإمدادات الغذائية عالمياً، تشير جميعها إلى أنّ أسعار الأغذية ستسمر في الارتفاع في أنحاء العالم. وفي هذا السياق، تُبيّن الأدلة العملية حول أثر أزمة الغذاء العالمية في 2006-2008 على البلدان العربية أنّ متوسط أسعار الأغذية ارتفع بنحو 20 في المئة، وكان هذا الارتفاع أقل من ذلك في بلدان مثل المغرب، وأعلى في مصر وجيبوتي.[11] و من ناحية فإن انخفاض أسعار النفط وحده سيؤدي على الأرجح إلى إنخفاض  أسعار الأغذية. وكان سعر البرميل الفوري لنفط برنت قد وصل في عام 2008 إلى 97 دولار بالمقارنة مع 28 دولار في 17 أبريل/نيسان المنصرم.[12] ومن جهة ثانية، من المرجح أن يتصاعد الضغط على أسعار الأغذية بفعل الاضطراب المتصل بالجائحة مقترناً بالتدابير الحمائية المتوقعة.

 

أما السِمة المحددة الثالثة للبلدان العربية والتي ستحدد أثر الجائحة فهي انضمامها المحدود إلى سلاسل القيمة العالمية.[13] وفي حين تعتبر هذه السمة عموماً صفةً سلبيةً للاقتصاديات العربية، إلا أنّها قد تُخفّف من الصدمة الاقتصادية التي سيتسبّب بها فيروس كورونا المستجد في العالم العربي.[14] وسيكون تعطّل سلاسل القيمة العالمية على الأرجح الشكل الرئيسي للضرر الاقتصادي، وبشكل أساسي بسبب الصين، ولكن أيضا في باقي منطقة شرق آسيا بالإضافة إلى الاقتصادات العالمية الكبيرة.[15]  كما أنّ اندماج الاقتصادات العربية المحدود في سلسلة القيمة العالمية (يُقاس بشكل أساسي بالتبادل التجاري في مجال التجارة في السلع الوسيطة)[16] والغياب النسبي لسلسلة قيمة إقليمية عربية يعني أنّ أثر هذا الجانب المتعلق بالإنضمام إلى سلاسل القيمة سيكون طفيفاً. غير أنّه من المتوقّع أن تكون الآثار المتصلة بالطلب الناجمة عن الاعتماد الكبير على سلاسل القيمة في البلدان العربية حادةً أسوةً بما هي عليه في باقي العالم.

 

أما السِمة الرابعة والأخيرة للعالم العربي على صعيد الضرر الناجم عن فيروس كورونا المستجد فهو الأثر المُرجح على تجارة الخدمات. ومن المحتمل أن يؤثّر هذا العامل الذي تُهمله التحليلات التجارية، بشكلٍ حاد على الاقتصادات العربية. وفي هذا السياق، تُعتبر السياحة، المتوقفة حالياً في جميع أنحاء العالم، مصدراً مهماً للعملات الأجنبية والوظائف بالنسبة لعدد كبير من البلدان العربية، بما يشمل[17] السعودية (موسم الحج والعمرة)، والمغرب، وتونس، ومصر، والإمارات ولبنان (أنواع مختلفة من السياحة).[18] وعلى الأرجح أن يكون للتوقّف المُفاجئ والمُطوّل للسياحة أثراً سلبياً كبيراً على ميزان المدفوعات في البلدان العربية. ينطبق الأمر نفسه على النقل الذي يلعب دوراً هاماً بالنسبة إلى بعض البلدان العربية بالإضافة إلى تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. هذا وقد وصلت نسبة صادرات الخدمات إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية إلى نحو 9 في المئة في بلدان مثل مصر وتونس، وتراوحت بين 15 و17 في المئة في بلدان مثل الإمارات والأردن والمغرب.[19] وتُشكّل السياحة حصة الأسد (تُقاس بالسفر) من صادرات الخدمات بالنسبة إلى بلدان مثل المغرب (42 في المئة في عام 2018)[20]، وتونس (45 في المئة في عام 2018)[21]، ومصر (49 في المئة في عام 2018)[22] والسعودية (66 في المئة في عام 2018)[23].

 

وفي الختام، من المتوقّع أن يكون لفيروس كورونا المستجد أثراً سلبياً كبيراً غير مسبوق على الاقتصادات العربية عبر القنوات التجارية. اقتصادات البلدان العربية، أسوةً بباقي دول العالم، ستتأثّر بشدة، إلا أنّ الطبيعة الخاصة لاقتصادات البلدان العربية  وهياكلها التجارية ستميّزها عن باقي العالم. ينبغي للبلدان العربية أن تُعيد النظر في تكاملها التجاري لكي تحقق أهداف التنمية المستدامة الخاصة بها. مثلاً، من شأن التبادل التجاري فيما بين هذه الدول في مجال السلع التجارية والأغذية الأساسية، والتعاون الإقليمي في مجال مخزونات الأغذية أن يُساهم في تحقيق أهداف الأمن الغذائي الوطنية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ تأسيس سلاسل قيمة إقليمية وتعزيز التبادل التجاري فيما بين دول المنطقة في مجال الخدمات بعد انتهاء هذه الجائحة، يُمكن أن يساعد هذه البلدان في تخفيف الآثار السلبية الهائلة المترتبة عن الصدمة التي تسبّب بها فيروس كورونا المستجد.

 


[1] صندوق النقد الدولي (2019)، "التنويع الاقتصادي في البلدان العربية المصدرة للنفط"، ورقة بحثية قدّمت خلال الاجتماع السنوي لوزراء المالية العرب، أبريل/نيسان 2016، المنامة، البحرين. متاحة على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.imf.org/external/np/pp/eng/2016/042916.pdf

[2] البنك الدولي، "ارتفاع قياسي للتحويلات المالية على مستوى العالم في 2018"، بيان صحفي، أبريل/نيسان 2019. متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2019/04/08/record-high-remittances-sent-globally-in-2018

[6] ريد ستانديش وكيث جونسون (2020)، "لا نهاية مرتقبة لحرب أسعار النفط بين روسيا والسعودية"، تقرير "فورين بوليسي"، 14 مارس/آذار 2020، متاح على الرابط الإلكتروني التالي:

https://foreignpolicy.com/2020/03/14/oil-price-war-russia-saudi-arabia-no-end-production/

[7] دفتريوس، جون (2020)، "لِمَ تنهار أسعار النفط وماذا يعني ذلك؟"، "سي إن إن بزنس"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://edition.cnn.com/2020/03/09/business/oil-price-crash-explainer/index.html

[8] بالدوين وويدير ي مورو (2020)، "مقدمة"، في ريتشادر بالدوين وبيتاتريس دي مورو (ناشرون)، "الاقتصاد في زمن فيروس كورونا المستجد"، كتاب صادر عن منظمة VoxEU.org، منشورات مركز البحوث الاقتصادية والسياسية (CEPR). متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://voxeu.org/content/economics-time-covid-19-0

[9] كانت "منظمة التجارة العالمية تتوّقع في عام 2019 أن يتباطأ نمو حجم تجارة السلع العالمية ليصل إلى 2.6 في المئة بعد أن كان 3 في المئة في 2018 وكانت تأمل أن تتحسن الأمور في عام 2020 في حال خفّت التوترات التجارية. منظمة الصحة العالمية (2019)، "نمو التجارة العالمية يخسر زخمه مع استمرار التوترات التجارية"، بيان صحفي متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.wto.org/english/news_e/pres19_e/pr837_e.htm

[10] الإسكوا والفاو (2017)، "آفاق المنطقة العربية 2030: تعزيز الأمن الغذائي: موجز فني، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: http://www.fao.org/fileadmin/user_upload/rne/docs/arab-horizon-2030-prospects-enhancing-food-security-summary-english.pdf

[11] إيانشوبيشينا، إيلينا وجوزيف ليونينغ وكريستينا وود (2012)، "ما مدى ضعف البلدان العربية أمام صدمات أسعار الأغذية العالمية؟"، مجلة دراسات التنمية (50) 9، متاحة على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.researchgate.net/publication/254073314

[13] الإسكوا (2017)، "النقل والتواصل مع سلاسل القيمة العالمية : أمثلة من الدول العربية"، متاحة على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.unescwa.org/ar/publications/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9

[14] أريزكي، رباح وها نغوين (2020)، "فيروس كورونا المستجد يضرب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر قنوات متعددة"، في ريتشارد بالدوين وبياتريس دي مورو (ناشرون)، "الاقتصاد في زمن فيروس كورونا المستجد"، كتاب صادر عن منظمة VoxEU.org، منشورات مركز البحوث الاقتصادية والسياسية (CEPR). متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://voxeu.org/content/economics-time-covid-19-0

[15] مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) (2020)، "أثر جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19) على التجارية العالمية"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://unctad.org/en/PublicationsLibrary/ditcinf2020d1.pdf

[16] لمراجعة حول سبل قياس الاندماج في سلاسل القيم وما هي السياسات التي تؤثر على هكذا إدماج، الرجاء انظر، منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (2015)، "مشاركة البلدان النامية في سلاسل القيمة العالمية: تبعات السياسات التجارية والسياسات المتعلقة بالتجارة"، ورقة موجزة، متاحة على الرابط الإلكتروني التالي:

https://www.oecd.org/countries/gabon/Participation-Developing-Countries-GVCs-Summary-Paper-April-2015.pdf

[17] شكّلت نحو 3.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. انظر، المنتدى الاقتصادي العالمي (2019)، "تقرير التنافسية في السفر والسياحة لعام 2019"، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: https://reports.weforum.org/travel-and-tourism-competitiveness-report-2019/regional-profiles/middle-east-and-north-africa/ . بالنسبة إلى العالم العربي، شكّلت نحو 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وأمّنت 4.5 مليون وظيفة، أي 97 في المئة من إجمالي الوظائف في عام 2011). انظر البنك الدولي (2013)، "السياحة في العالم العربي قد تعني أكثر من مجرد الشمس والرمال والشواطئ"، متاحة على الرابط الإلكتروني التالي: https://www.worldbank.org/en/news/feature/2013/02/11/tourism-in-the-arab-world-can-mean-more-than-sun-sand-and-beaches

[18] أريزكي، رباح وها نغوين، انظر 15


أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. وهو باحث في منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية (ERF) في مصر، وفي مركز البحث الاقتصادي والاجتماعي (CASE) في بولندا.

 

إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

أحمد غنيم أحمد غنيم

الأكثر قراءة

هل لبنان مستعد لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة؟

28 يناير/كانون الثاني 2020

 

 

سلسلة مدونات  تعنى بتفكيك المعتقدات الخاطئة حول التكنولوجيات الرقمية

يساهم غسان ديبة بسلسلة مدونات تساهم في فتح باب النقاش حول اقتصاد المعرفة والثورة الرقمية بهدف تفكيك بعض الروايات الشائعة حولها وإطلاع القرّاء حول الأبعاد المختلفة التي يجب أخذها بعين الاعتبار لكي تستفيد البلدان العربية من القيمة المضافة والميزة التنافسية التي قد تحدثها التكنولوجيات الرقمية.

 

في مقال بعنوان " عصر الآلة الثاني في نقطة التحول"، أشار الكتّاب إلى أن "العديد من المشاريع التكنولوجية خلال العقد الأخير تمحورت حول كيفية تواصل الناس واستهلاكهم ومعاملاتهم وسفرهم. أما على مدار العقد المقبل، فقد تتمحور أهم الابتكارات- و فرص الاستثمار – حول الصناعات، وفي غرف العمليات ومواقع التعدين ومرافق الطاقة".[1] بالتالي وعلى الرغم من أننا ما زلنا في المراحل الأولى من الثورة الصناعية الرابعة، إلا أنها تدخل الآن مرحلة جديدة حيث تنتقل التكنولوجيات الجديدة من الاستهلاك والترفيه إلى الإنتاج والاستثمار في التقنيات التي تعزز الكفاءة والانتاجية، وهي المرحلة الأهم بالنسبة للبلدان الرأسمالية المتقدمة وكذلك للبلدان النامية مثل لبنان.

فعلى الرغم من أن الهواتف الذكية والعديد من التطبيقات قد غيّرت في أنماط الحياة اليومية، وأثرت على الحركة التجارية، وكيفية تفاعلنا مع الآخرين، إلا أنها حتى ألأن لم تغيّرمن الواقع الصناعي حيث تكمن فرص نمو التقنيات الجديدة. فقد أشار روبرت جوردون، بأن التقنيات الجديدة، وعلى الرغم من أهميتها، لم يكن لها نفس الأثر الذي أحدثته التقنيات القديمة كالكهرباء، والسفر الجوي، والأجهزة المنزلية أو حتى السباكة المنزلية، على الإنتاجية في القرن العشرين.

في هذا الصدد، فإن المرحلة الجديدة لن يكون لها فقط أثر على الإنتاجية في البلدان التي سبق لها وشاركت في المرحلة الأولى من الثورة الصناعية الرابعة، بل ستسمح أيضًا للبلدان التي لم تستطع مواكبة هذه المرحلة، اللحاق بها واستخدامها كأداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والتنافسية. إذاً، فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل لبنان مستعد لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة؟ أو تحديداّ، هل بإمكانه  أن يجني ثمار هذه "المرحلة الثانية"؟  الجواب هنا معقد.

فخ اقتصاد الخدمات

لم يفوّت لبنان المرحلة الأولى من الثورة الصناعية الرابعة فحسب، بل إن اقتصاده يميل نحو القطاعات ذات الإنتاجية المنخفضة، كما أنه غير قادر على توليد فرص عمل كافية لخريجي الجامعات ذوي المهارات العالية. إضافةً إلى ذلك، يصنف لبنان كواحد من أقل الاقتصادات تنافسية، حيث يحتل المرتبة العاشرة من بين أربعة عشر بلد عربي بحسب تقرير التنافسية العالمي 2019 الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي.[2] من ناحية أخرى، ووفقًا لتقرير MILES الصادر عن البنك الدولي في عام 2012، فإن 35.4 في المئة من العاملين بأجر و 61 في المئة من العاملين لحسابهم الخاص يعملون في الأنشطة ذات الإنتاجية المنخفضة مثل تجارة الجملة والتجزئة وغيرها من القطاعات، في حين أن 14.3 في المئة و 3 في المئة فقط على التوالي يعملون في أنشطة ذات انتاجية أعلى )مثل قطاع المعلومات والاتصالات؛ الأنشطة المالية والتأمينية؛ والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية(، كما يعمل 11.3  في المئة و 8 في المئة فقط على التوالي في القطاع الصناعي.[3]

هذه الأرقام لا تعكس واقع بلد يطمح للانضمام إلى المرحلة التالية من الثورة الصناعية الرابعة. إضافةً إلى ذلك، فإن لبنان لم يتأهل حتى لما يُطلق عليه "الانضمام غير الفعال" للثورة الصناعية التي أتيحت لبعض البلدان الأقل نمواً من خلال الأتمتة. في هذا الصدد، يقدّر البنك الدولي (2016) أن  نسبة الوظائف التي يمكن أن تخضع لتغيير جذري بسبب الأتمتة هي في الواقع أعلى في الدول النامية مما هي في الدول الأكثر تقدماً.[4] وتقدم دراسة أجراها الكاتبان شلوغل وسامنر (2018) نموذجًا لاقتصاد مزدوج مقسمًا إلى قطاع قابل للأتمتة يتكون من وظائف قابلة للتشغيل الآلي مثل الزراعة، وقطاع مقاوم للأتمتة مثل قطاع الخدمات الذي يعتمد على التفاعل البشري والأنشطة غير الروتينية. في هذا النموذج، فإن القطاع الزراعي هو القطاع الأكثر عرضة للأتمتة. وعند تطبيقه على لبنان، نرى أن البلد تسيطر عليه القطاعات المقاومة للأتمتة، أي أن هيكله الاقتصادي لا يسمح باعتماد الأتمتة.[5] عندها، يمكننا أن نقول أن لبنان عالق في فخ اقتصاد الخدمات على غرار "فخ الدخل المتوسط".

وسيلة الخروج

يجب على لبنان إذاً إيجاد وسيلة للخروج من هذا "الفخ" للاستفادة من المرحلة الثانية من الثورة الصناعية. فكما يشير فيكتـور ماير-شـونبرغر في كتابه إعادة تصميم الرأسمالية في عصر البيانات الضخمة، أن القطاع المصرفي- وهو القطاع الاقتصادي الرائد في لبنان-سيتراجع بسبب حلول البيانات الضخمة ومحتواها المعلوماتي مكان دور النقود، في اقتصاديات السوق. وعلى الرغم من تجاهل هذا المنظور لدور النقود كرأسمال في الاقتصادات الرأسمالية، إلا أن لبنان، وبالنظر إلى الأحداث الأخيرة، يجب عليه الابتعاد عن الاعتماد المفرط على القطاع المصرفي والمالي.

 

ونظرًا لأن التقنيات الجديدة مرتبطة بالإنتاج، فيتعيّن علينا تغيير الاقتصاد هيكلياً من خلال زيادة حصة القطاعات الإنتاجية، وبشكل أساسي قطاع االصناعة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى التنمية الاقتصادية في لبنان كما أنه السبيل نحو مستويات معيشية أفضل. حيث يرتبط نمو الصناعات التحويلية بارتفاع الدخل في البلدان النامية كما أشار العديد من خبراء الاقتصاد مثل ها جون تشانغ وداني رودريك. في هذا الصدد، فإن لبنان جاهز بشكل كبير للتغيير في بنيته الاقتصادية حيث أنه يتميّز  بوجود قوى عاملة متعلمة في الداخل  وفي بلدان الاغتراب والتي يمكن توظيفها في بناء قطاع صناعي متطور تقنياً. إنّ التحدي الأساسي إذاً هو جعل التكنولوجيا تلحق بالتعليم  في لبنان.

رؤية بريوبراجينسكي

في العشرينات من القرن الماضي، أثير نقاش في الاتحاد السوفياتي يدعى "مناظرات التصنيع". كان البلد حينذاك لا يزال يهيمن عليه قطاع الزراعة وغير متقدم صناعياً. وكان السؤال الأساسي" كيف يمكن الانتقال إلى دولة صناعية؟ " وكان يفجيني بريوبراجينسكي، أحد الاقتصاديين، طرفًا في النقاش. كانت حجته بسيطة ولكنها معقدة في الوقت نفسه: لا يمكن للاتحاد السوفياتي التحول لدولة صناعية إلا من خلال "استغلال" القطاع الزراعي لصالح القطاع الصناعي، أي من خلال تحويل الموارد من قطاع إلى آخر.

 لا تزال هذه الحجة صالحة في يومنا هذا في البلدان النامية. في لبنان، وهو اقتصاد يهيمن عليه قطاع الخدمات والأنشطة الاقتصادية الريعية، يمكن تحويل الموارد إلى القطاع التكنولوجي المتقدم من خلال نظام الضرائب. وبالتالي، فعلى الحكومة أن تلعب دور رئيسي في استعداد لبنان للثورة الصناعية الرابعة. ولا تستطيع السوق الحرة وحدها أن تقوم بذلك، بل من الضروري فرض سياسة صناعية حديثة تنقل الاقتصاد تدريجياً من اقتصاد ريعي من خلال فرض ضرائب على الإيجارات والثروة، وخاصة على الثروة المالية، وهي وفيرة في لبنان، ثم توجيهها إلى قطاعات الثورة الصناعية.[1]

لم يلحق لبنان، مثل معظم البلدان، بالمرحلة الأولى من الثورة الصناعية الرابعة، والتي كانت مركزة أساسًا في المجالات  التي تهيمن فيها الأسواق التي تعمل تحت شعار "الرابح يأخذ كلّ شيء" كالتطبيقات والاتصالات والبرامج وغيرها من النماذج الرقمية. أما الآن، ومع بدء المرحلة الجديدة والتي سيتم فيها ربط مثل هذه التقنيات بإلصناعة وانتاج المواد، فلدى لبنان الفرصة "لتطوير" هيكله الإنتاجي من خلال هذه التقنيات. إنّ لبنان مستعد للقيام بهذا "التطوير" لأنه يمتلك المعرفة الفنية والقاعدة العلمية التكنولوجية. وبالنظر إلى التحديات التي تعترض هذه الخطوة، من حيث إضعاف المصالح المالية والريعية السائدة حالياّ، فإن ما سوف نحتاج إليه في الواقع  هو ثورة اقتصادية لينضم لبنان إلى الثورة الصناعية الرابعة.

المصادر:

[1] مورغان ستانلي. 2019. عصر الآلة الثاني في نقطة التحول. [اونلاين] متوفر على: https://www.morganstanley.com/ideas/fourth-industrial-revolution ]تم الدخول كانون الأول/ ديسمبر 2019[.

[2] المنتدى الاقتصادي العالمي. 2019. تقرير التنافسية العالمي. [اونلاين] متوفر على: http://www3.weforum.org/docs/WEF_TheGlobalCompetitivenessReport2019.pdf ]تم الدخول كانون الأول/ ديسمبر 2019[.

[3] البنك الدولي. 2012. الوظائف المطلوبة في الجمهورية اللبنانية: دور سياسات الاستثمار الكلي والتعليم والعمل والحماية الاجتماعية.[اونلاين] متوفر على: http://documents.worldbank.org/curated/en/230521468089355499/pdf/760080ESW0GRAY0C0Disclosed030200130.pdf ]تم الدخول كانون الأول/ ديسمبر 2019[.

[4] البنك الدولي. 2016. تقرير عن التنمية في العالم: الأرباح الرقمية. [اونلاين] متوفر على: https://www.worldbank.org/en/publication/wdr2016 ]تم الدخول كانون الأول/ ديسمبر 2019[.

[5] شلوغل، ل. وسامنر، أ. تموز/ يوليو 2018. الأتمتة ومستقبل التنمية الاقتصادية، والعمل، والأجور في البلدان النامية. مركز التنمية العالمية. ورقة العمل 487. [اونلاين] متوفر على: https://www.cgdev.org/sites/default/files/rise-robot-reserve-   army-automation-and-future-economic-development.pdf  ]تم الدخول كانون الأول/ ديسمبر 2019[.

 

[1] في الصين، نتجت التنمية الاقتصادية عن تحويل الموارد من القطاع الزراعي والذي أدى إلى تعزيز قطاع التصنيع. للمزيد الإطلاع على جون نايت "مقصات الأسعار وعمليات نقل الموارد بين القطاعات: من الذي دفع مقابل تطوير قطاع التصنيع في الصين؟" ، أوراق أكسفورد الاقتصادية، سلسلة جديدة، المجلد. 47، الرقم 1 (كانون الثاني/ يناير 1995) pp. 117-135. وايضا على كريستوبال كي "لماذا تتفوق شرق آسيا على أمريكا اللاتينية: الإصلاح الزراعي والتصنيع والتنمية"، مجلة العالم الثاث الربعية، المجلد 23، رقم 6 (كانون الثاني/ ديسمبر 2002)، pp. 1073-1102.
 


غسان ديبة حاصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء وشهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة تكساس في أوستن. هو أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية. تشمل اهتماماته البحثية والتعليمية الاقتصاد السياسي والدورات الاقتصادية والذكاء الاصطناعي والرأسمالية. وقد ظهرت أبحاثه في عددٍ من المجلات منها Physica A ومجلة الاقتصاد الحسابي (Computational Economics) ومجلة الاقتصاد السياسي (Review of Political Economy)، ومجلة التنمية الدولية (Journal of International Development)، ومجلة العلاقات الصناعية (Journal of Industrial Relations)، والمجلة الدولية للقوى العاملة (International Journal of Manpower).


إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية.

 

الأكثر قراءة

حوار مع الهيئة العامة للإحصاء في السعودية حول البوابة الإلكترونية وقاعدة البيانات

الهيئة العامة للإحصاء في السعودية, 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019

هذه المدونة هي ضمن سلسلة من المدونات التي تعدها البوابة العربية للتنمية مع المكاتب الإحصائية الوطنية بهدف عرض آخر الإصلاحات والخطط التي تنفذها المراكز الإحصائية في البلدان العربية. 

 

مما لا شك فيه أن منصات التقارير التقليدية لم تعد تلبي تطلعات مستخدمي الإنترنت الذين تضاعفت نسبتهم في المنطقة العربية حيث وصلت إلى (49.5٪) في نهاية عام 2018 مقارنةً بـ (24٪) في عام 2010[1]، انطلاقًا من ذلك أصبح من الضروري أن تقوم المكاتب الإحصائية الوطنية بتطوير منصات إلكترونية وقواعد للبيانات والإحصاءات تعتمد على أدوات متطورة لتصفّح واستخراج وتصوير البيانات.

ومما لا شك فيه أن الوسائل التقليدية أصبحت لا تفي بالتحديات الإحصائية التي تطرحها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 والتي تشدد على أهمية وضع إطار شامل للرصد والمساءلة لمتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDG) على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية؛ لذا بات من الضروري الاستفادة من التقدم التكنولوجي، وتطوير أدوات رصد وتحليل لمؤشرات أهداف التنمية المستدامة، وإنشاء منصات وطنيَّة للإبلاغ، وتحديث المنصات المتاحة.

ورغم أن جميع مكاتب الإحصاء الوطنية في البلدان العربية لديها مواقع إلكترونية، إلا أن هناك 10 مكاتب إحصائية فقط لديها قواعد بيانات متاحة على الإنترنت، كما أن غالبية المراكز الإحصائية تقوم بعرض البيانات في صيغة جداول مبسّطة وثابتة يتم تحميلها كصورة جامدة على الموقع الإلكتروني، أو الكتب السنوية للإحصاء التي تنشر البيانات السنوية أو الفصلية بصيغة وثائق ومستندات قابلة للتحميل بصيغة PDF  أو ملفات إكسل Excel. ومن هنا تأتي الحاجة إلى ضرورة تحسين البنية التحتية لعملية نشر الإحصاءات الرسمية على شبكة الإنترنت في المنطقة العربية.

وفي الواقع تنفرد الهيئة العامة للإحصاء في السعودية بين أقلية من البلدان العربية بامتلاكها بوابة إلكترونية وقاعدة رقمية للبيانات والإحصاءات تُتيح للمستخدم الحصول على المعلومات بطريقة سهلة وميسرة، وإيمانًا منها بأهمية دعم بحوث المستخدمين ودراساتهم وقرارتهم ببيانات ذات موثوقية عالية وبجودة إحصائية متميزة تعمل الهيئة العامة للإحصاء حاليًا على تطوير بوابة جديدة؛ وذلك بهدف تقديم منتجات وخدمات إحصائية محُدَّثة ذات قيمة مضافة تتميز بالدقة والشمولية والمصداقية.

وفي حديث حصري مع البوابة العربية للتنمية، تحدّث الأستاذ رائد القحطاني،مدير إدارة المحتوى والنشر الإلكتروني في الهيئة العامة للإحصاء السعودية، عن الجهود التي تبذلها الهيئة لتحسين تجربة المستخدم في الوصول إلى البيانات الرسمية عبر البوابة الإلكترونية وقاعدة البيانات، بالإضافة إلى الخطط المستقبلية فيما يختص بإنشاء منصة وطنية لرصد أهداف التنمية المستدامة، ودار معه الحوار التالي:
 

1. تعمل الهيئة العامة للإحصاء السعودية على تطوير بوابة إلكترونية جديدة - فما الإضافات والتحديثات التي قمتم بها؟ ومتى ستطلقون النسخة النهائية من هذه البوابة على شبكة الإنترنت؟

تعمل الهيئة العامة للإحصاء على تطوير البوابة الإلكترونية تلبيةً لاحتياجات العملاء، والهدف الأساسي من عملية التطوير هذه هو إتاحة البيانات وتسهيل الحصول على منتجات الهيئة من البيانات والمؤشرات الإحصائية، ورفع تصنيف موقع الهيئة الإليكتروني مقارنةً بمواقع الأجهزة الإحصائية الأخرى عربيًّا ودوليًّا، ومن أبرز التطورات والإضافات على البوابة الإلكترونية للهيئة العامة للإحصاء، ما يلي:
 

تطوير المحتوى الإحصائي  والأدوات الإحصائية:

-تكثيف المحتوى الإحصائي في الواجهة الرئيسية للموقع.
-إضافة صفحات خاصة بالمؤشرات الدولية والمحلية.
-إبراز نتائج المنتجات الإحصائية ومؤشراتها والمنتجات الأكثر زيارة.
-عرض مراحل العمل الإحصائي.
-تطوير التصنيفات الإحصائية.
-تطوير روزنامة العمل الإحصائي.
-عرض لأهم مصطلحات المنتج والمعادلات المستخدمة.
-ربط المنتجات الإحصائية مع قاعدة البيانات لكل منتج إحصائي.

 

تطوير خصائص تصور البيانات:
-إمكانية تحميل الملفات بصيغة API, XML, Excel, PDF .
-عرض تفاعلي للرسوم البيانية في صفحة المنتج الإحصائي.
-عرض موسع للمؤشرات الإحصائية المختلفة.
-إمكانية تحميل المنهجيات.

 

تحسين التواصل حول نشاطات الهيئة العامة للإحصاء:
-إضافة فعاليات الهيئة والمشاركات.
-عرض الجوائز ومبادرات ومشاريع الهيئة.
-إضافة أعمال الهيئة التجريبية المستقبلية.

 

تطوير بعض الخدمات الإلكترونية:
-عرض تفاعلي لدليل الخدمات الحكومية.
-تطوير خدمة طلب المعلومات الإحصائية.
-إمكانية التسجيل في الموقع.
-إضافة خدمة المحادثة المباشرة مع خدمة العملاء.
-تفعيل خدمة الاستماع الصوتي.

 

وتعتزم الهيئة إطلاق البوابة الإلكترونية المطورة في بداية السنة الميلادية الجديدة 2020 إن شاء الله تعالى.

 

2. قمتم بإعداد تقرير إحصائي حول الوضع الراهن لأهداف التنمية المستدامة في السعودية، فهل هناك خطة لتطوير منصة وطنية لرصد أهداف التنمية المستدامة؟ وما هي خطة العمل؟

لا يوجد حتى الآن تفكير في إنشاء منصة مستقلة لرصد أهداف التنمية المستدامة، فالهيئة تعد الجهاز الإحصائي المسؤول عن جميع مؤشرات المملكة، ويتم من خلالها إصدار مؤشرات أهداف التنمية المستدامة، ويجري العمل حاليًا على تطوير منصة المؤشرات في البوابة المطورة بناءً على الطابع العالمي الموحد.

 

3. ما الصفحات التي تستقطب العدد الأكبر من الزوار على الموقع الإلكتروني؟ وما أكثر المواضيع التي يتم البحث عنها؟   

تستقطب المنتجات الاجتماعية التي تهم الأسر والأفراد غالبية زوار الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للإحصاء، وتحتل المرتبة الأولى من حيث اهتمامات عملاء الهيئة، وتعد من أكثر الملفات تحميلًا عبر الموقع الإلكتروني، وأكثرها زيارةً.

 

4. هل لدى الهيئة العامة للإحصاء أدوات ديناميكية معينة لعرض قاعدة البيانات والمنتجات الإحصائية؟ وما هي خصائصها؟

لدى الهيئة العامة للإحصاء أدوات ديناميكية معينة لعرض قواعد البيانات والمنتجات الإحصائية، كما يتم عرض المؤشرات على شكل رسوم بيانية حسب طبيعة كل مؤشر، ويتم عرض بيانات كل منطقة من المناطق الإدارية على هيئة خريطة تفاعلية.

 

5. تنتج الهيئة العامة للإحصاء مجموعة من الإنفوجرافيك والفيديوهات التي تحتوي على أرقام، وتقوم بنشرها على البوابة الإلكترونية بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر - فهل يتفاعل المستخدمون مع هذه المنتجات البصرية أكثر من التقارير الإحصائية التقليدية؟ أم ما زال عدد كبير من المستخدمين يرجع إلى هذه التقارير؟

بالفعل تجذب تصاميم الإنفوجرافيك التي تحتوي على البيانات الإحصائية المهتمين حسب كل مجال، فمثلًا يزيد تفاعل العملاء من فئة الأفراد بالإحصاءات الاجتماعية، بينما يهتم الاقتصاديون والمستثمرون بالنشرات الاقتصادية التي يتم الإعلان عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

6ما التحديات التي تواجهونها في إدارة البوابة الإلكترونية وقاعدة البيانات؟

يقوم جزء كبير من أعمال البوابة على الربط التلقائي مع قاعدة البيانات التي تتعرض إلى تحديثات مستمرة في البيانات (الداتابيز) مما يشكل تحدي في الحفاظ على وتيرة الموقع الممتازة ومن المشاكل التقنية الغير متوقعة.

 

7. ما الخطط المستقبلية فيما يخص تطوير قطاع نشر البيانات الإحصائية على شبكة الإنترنت؟

نطمح إلى أن يتم إضافة موقع الهيئة الإلكتروني في محركات البحث العالمية، والمشاركة في تصنيف المواقع العالمية، وكذلك نعمل على إتاحة الفرصة لإقامة شراكات في مشاريع إلكترونية مع أهم الجهات في القطاعين الحكومي والخاص.

 

 


[1] الاتحاد الدولي للاتصالات. 2019. قاعدة بيانات مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. [أونلاين] متوفر على: https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Pages/stat/default.aspx [تم الدخول 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2019].

 



رائد القحطاني هو مدير إدارة المحتوى والنشر الإلكتروني في الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

 

إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية.

الهيئة العامة للإحصاء في السعودية الهيئة العامة للإحصاء في السعودية

الأكثر قراءة

الثورة الرقمية واللامساواة في المنطقة العربية

غسان ديبة, 06 نوفمبر/تشرين الثاني 2019

 

سلسلة مدونات  تعنى بتفكيك المعتقدات الخاطئة حول التكنولوجيات الرقمية

يساهم غسان ديبة بسلسلة مدونات تساهم في فتح باب النقاش حول اقتصاد المعرفة والثورة الرقمية بهدف تفكيك بعض الروايات الشائعة حولها وإطلاع القرّاء حول الأبعاد المختلفة التي يجب أخذها بعين الاعتبار لكي تستفيد البلدان العربية من القيمة المضافة والميزة التنافسية التي قد تحدثها التكنولوجيات الرقمية.

 

يشهد العالم اليوم ثورة تكنولوجية جديدة: الثورة الصناعية الرابعة أو عصر الآلة الثاني كما وصفاه إريك براينيولفسون وآندرو مكافي في كتابهما "عصر الآلة الثاني" (2014). ويظهر تأثير هذه الثورة الجديدة، والمتمثلة بعلم الروبوتات والذكاء الصناعي، في ظهور الروبوتات وفي استبدال اليد العاملة البشرية بالآلات؛ أو في التفرّد التكنولوجي وذلك حينما يتفوّق الذكاء الآلي على الذكاء البشري كما يزعم راي كورزويل. وعلى الرغم من هذه الاحتمالات، لا يزال استبدال اليد العاملة بالآلات موضوعًا مثيرًا للجدل، مع حججٍ تدعم الجهتين على حدّ سواء. ولا يرجح تقرير أخير صادر عن فريق عمل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) حول عمل المستقبل[1]، احتمال قيام الروبوتات، في المستقبل القريب على الأقل، باستبدال ملايين الوظائف في الولايات المتحدة. لكنّه يحذّر من أثر التكنولوجيات الجديدة على اللامساواة في توزيع الدخل.

وفي هذا الصدد، سيكون للتكنولوجيات الرقمية الجديدة تأثيرًا ملحوظًا على اللامساواة في توزيع الدخل والثروة، سواء أصبحت الآلات بديلًا للعمالة ما يؤدي إلى تفاقم أزمة البطالة (في أقصى الحالات، يسيطر برنامج آلي-روبوت- واحد على الاقتصاد كله)، أو وجد أولئك الذين استبدلوا بالآلات وظائف في مكان آخر في الاقتصاد (بحسب قانون ساي). وتثير كلتا الحالتين احتمالات غاية في الخطورة في قضية اشتداد اللامساواة، وذلك يؤدي في البيئة الاقتصادية الحالية إلى تفاقم مثل هذه النزعة والتي أشار إليها توماس بيكيتي في كتابه "الرأسمال في القرن الحادي والعشرين" (2013). فعلى سبيل المثال، وفقًا لصندوق النقد الدولي، يُنسب ما يقارب من نصف الانخفاض في حصة العمالة إلى تأثير التكنولوجيا في الاقتصادات المتقدمة. إلا أن تأثير التكنولوجيا على حصة العمالة في الأسواق الناشئة هو أقل، فهو يؤثر على ربع الانخفاض فقط. وعلى الرغم من أن أهمية التكنولوجيات الرقمية في الاقتصادات العربية فهي لا تزال هامشية إلى حد كبير، إلا أنه من المفيد البدء في مناقشة أثرها المحتمل على اللامساواة في المنطقة.

 

 

 

نظرة سريعة على اللامساواة في المنطقة العربية

تعاني المنطقة العربية، على الرغم مما يُسمّى بـ "لغز اللامساواة العربي"[2]، من تفاوتات كبيرة. فمستوى التفاوت في الثروة مرتفع للغاية؛ ويبرز التفاوت الشديد في الثروة في سيطرة عدد قليل من الأفراد والأسر على الثروات. فوفقًا لـ إيلينا إيَنشوفيشينا، وهي خبيرة اقتصادية في البنك الدولي، إن تركيز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد هو أعلى بكثير في العديد من البلدان العربية منه في بلدان أخرى ذات مستويات مماثلة من التنمية الاقتصادية. على سبيل المثال، يسيطر عدد قليل من الأفراد وعائلاتهم في لبنان ومصر على ثروة تساوي 30% و24% من إجمالي الناتج المحلي[3]، على التوالي. وتظهر دراسات أخرى، وعلى عكس معدلات مؤشر جيني المتدنية في المنطقة، تتراوح حصة أعلى 10% من أصحاب الدخل في الشرق الأوسط بين 55% و61%، والتي يمكن مقارنتها مع التوزيعات في مناطق نامية أخرى لكنها أعلى من مستويات اللامساواة في الولايات المتحدة وأوروبا[4]. إضافة إلى ذلك، فإن حصة القوى العاملة متدنية (مثال، 29% في مصر)[5]، وقد شهدت المنطقة العربية تراجعًا في الأجور الحقيقية بنسبة 2.7% بين عامي 2006 و2011، وهي المنطقة الوحيدة التي سُجِّل فيها مثل هذا الانخفاض[6]. ومن الأمثلة الخطيرة الأخرى على مستوى اللامساواة، مؤشّر التنمية البشرية المعدَّل وفقًا لعدم المساواة (IHDI)، والذي يظهر أن دليل التنمية البشرية يخسر 25% من قيمته حينما يتم ضبط عدم المساواة في مجالات الصحة والتعليم والدخل؛ وهو ثالث أعلى مستوى بعد منطقتي جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء[7].

 

التكنولوجيات الرقمية واللامساواة

وفقًا لـ عصر الآلة الثاني، يؤثّر التقدّم التكنولوجي في عصر الرقمنة على اللامساواة عبر ثلاث قنوات: أولًا، من خلال عائدات أصحاب رؤوس الأموال؛ ثانيًا، وجود الأسواق التي تعمل تحت شعار "الرابح يأخذ كلّ شيء"؛ وأخيرًا، من خلال التغيير التكنولوجي المتحيّز للمهارات. فالتكنولوجيات الرقمية هي جزء من رأس المال، وبالتالي "من يملك الروبوتات؟" يصبح السؤال الحاسم.  وسوف يؤدي تركيز ملكية رأس المال والثروة المالية والوصول المحدود إلى الأسواق المالية في المنطقةالعربية  إلى سيطرة أصحاب رأس المال الحاليين على الشركات الرقمية المتفوقة. وكدليل على هذا الانحياز، فإن التكاليف الإدارية للشركات الناشئة تعتبر باهظة في الكثير من البلدان. وحتى في دولة الإمارات العربية المتحدة الداعمة للشركات الناشئة، فالتقديرات تشير إلى أن هذه التكاليف تصل إلى حوالي 25,000 دولار أميركي في السنة الأولى.

ثانيًا، في الأسواق التي تعمل تحت شعار "الرابح يأخذ كل شيء"، يتم تحديد العائد على العمل بشكل أساسي من خلال الأداء النسبي، فيما ترتبط العائدات في الأسواق التقليدية ارتباطًا وثيقًا بالأداء المُطلق. ففي الأسواق التقليدية، يحصل العامل الذي يتمتّع بنسبة 90% من المهارة أو الانتاجية نسبة الى عامل آخر ، على 90% من أجره/أجرها. غير أن اختلاف بسيط في قدرات البرمجة قد يؤدي إلى سيطرة العامل الأفضل على السوق . وكما أشار  براينيولفسون ومكافي، فعلى سبيل المثال،لن يكون هناك طلب على عاشر أفضل برنامج محاسبة. إضافة إلى ذلك، ستساعد التكنولوجيات الجديدة "شركات السوبر ستار" على اتساع الفجوة عن بقية الشركات، مع تركيز الدخل في أيدي قلّة من الشركات. ففي عام 2014، كان لدى "واتساب" مثلاً 55 موظفًا يعملون على خدمة 450 مليون عميل. إضافة إلى ذلك، فالشركات الكبرى في عام 2011 المماثلة لأكبر أربع شركات في عام 1964 من حيث قيمتها السوقية والتي بلغت 180 مليار دولار أميركي (بسعر الدولار في عام 2011) لديها ربع عدد الموظّفين. وتعتَبر ديناميكية التكنولوجيات الجديدة عالمية في هذا الصدد. وبالتالي فإن إمكانية "شركة سوبر ستار " من خارج المنطقة العربية على السيطرة على السوق من شأنها أن تمنع المطوّرين وأصحاب المشاريع المحليين من التنافس مع هذه الشركات العملاقة العالمية (استحواذ "أوبر" على "كريم"). كما ان وجود تأثيرات على الشبكات والتكتّلات سيتيح المجال بشكل أكبر أمام الاحتكارات العالمية للسيطرة على الأسواق العربية، مع وجود عدد قليل من الشركات التابعة لأصحاب المشاريع المحليين المترابطين شبكيًا إلى حدّ كبير. في أفضل الأحوال، يقوم أصحاب المشاريع المحليين هؤلاء بتشكيل مجموعة من الابتكارات المرتبطة بالاحتكارات العالمية التي تقاسمهم الإيجارات.

ثالثًا، من شأن التغيير التكنولوجي المتحيّز للمهارات أن يساعد من يتمتّع بمهارات أعلى على اكتساب زيادة في الدخل  بالمقارنة مع الأشخاص ذوي المهارات الأقلّ. وبالتالي فإن التفاوتات في الأجور بين العمال انفسهم  سوف تزداد. وكدليل على هذه الظاهرة في المنطقة العربية (وهوغير مرتبط بالتكنولوجيات الرقمية)، سجل ارتفاع في الامساواة في الأجور في قطاع التصنيع منذ عام 1980، كما تم قياسها بواسطة مؤشراتUTIP (مشروع عدم المساواة التابع لجامعة تكساس). وفي هذا الصدد، يمكن لعدم المساواة في الحصول على التعليم أن يكون له أثر ملحوظ على مثل هذه الفوارق. ووفقًا لليونيسف، "لا يزال ثمة ثغرات كبيرة جدًا في التحصيل العلمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع وجود فارق يصل إلى 10 سنوات من التعليم بين أعلى 20 في المائة من الأكثر تعليمًا وأدنى 20 في المائة من الأقل تعليمًا". إضافة إلى ذلك، فلعدم المساواة في الثروة تأثير بالغ على إتمام الدورات التعليمية المختلفة في المنطقة"[8].

باختصار، قد لا تأتي الروبوتات بشكل كبير لتحلّ مكان العمالة البشرية في المنطقة العربية، إلّا أنها ستأتي لتوسيع فجوة اللامساواة في الدخل والثروة، ذلك لأن التكنولوجيات الرقمية ستخلق فجوة كبيرة بين أولئك الذين يمتلكون رأس المال ويتمتّعون بمهارات عالية ومتّصلين ومترابطين شبكيًا على المستوى العالمي، وبين أولئك الذين لا يتمتعون بذلك.
 

 

تم  تحديث هذه اللمحة العامة من قبل فريق عمل البوابة العربية للتنمية استنادًا إلى أحدث البيانات المتاحة في حزيران/يونيو 2019. 


 

[1] متوفر على https://workofthefuture.mit.edu/ (تم الدخول في 25 أيلول/سبتمبر 2019).

[2] ظهرت العبارة أولًا في المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي، 2015. متوفر على: https://www.worldbank.org/en/region/mena/publication/mena-economic-monitor-october-2015-inequality-uprising-conflict-arab-world
[3] https://www.brookings.edu/blog/future-development/2015/02/04/how-unequal-are-arab-countries-2/
[4] ألفاريدو، ف. وبيكيتي، ت. (2015). ورقة عمل "قياس الدخول العليا وعدم المساواة في الشرق الأوسط" (Measuring Top Incomes and Inequality in the Middle East).
[5] حصة العمالة غير المعدّلة في بحث م. غيريرو (2012). "حصة العمالة من الدخل حول العالم. أدلّة من مجموعة بيانات الفريق، المؤتمر الدولة الرابع للتنمية الاقتصادية لـ GREThA/Gres – "أوجه عدم المساواة والتنمية: تحديات جديدة، قياسات جديدة؟"، جامعة بوردو، فرنسا، حزيران/يوني 13-15، 2012.
[6] أبو اسماعيل، ك. ون. سارانغي (2015). النمو الاقتصادي، عدم المساواة والفقر في العالم العربي. آلية التنسيق الإقليمية. موجز الملاحق لتقرير التنمية المستدامة العربية، الأمم المتحدة-الإسكوا.
[7] برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، متوفر على: http://hdr.undp.org/en/composite/IHDI
[8]  الإنصاف والوصول إلى التعليم ونتائج التعلم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اليونيسف، 2015.

 


غسان ديبة حاصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء وشهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة تكساس في أوستن. هو أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأمريكية. تشمل اهتماماته البحثية والتعليمية الاقتصاد السياسي والدورات الاقتصادية والذكاء الاصطناعي والرأسمالية. وقد ظهرت أبحاثه في عددٍ من المجلات منها Physica A ومجلة الاقتصاد الحسابي (Computational Economics) ومجلة الاقتصاد السياسي (Review of Political Economy)، ومجلة التنمية الدولية (Journal of International Development)، ومجلة العلاقات الصناعية (Journal of Industrial Relations)، والمجلة الدولية للقوى العاملة (International Journal of Manpower).


 

إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية.

 

غسان ديبة غسان ديبة

الأكثر قراءة

"Visualize 2030" يصوّر مخاوف وتطلعات الشباب العربي حول عدم المساواة في المنطقة العربية

فريق البوابة العربية للتنمية, 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019

14 تشرين الأول/أكتوبر  2019 - بعد أشهر من العمل والتحضير، حقق مخيم "Visualize 2030" نجاحا باهرا للسنة الثالثة على التوالي!

 

بتنظيم من البوابة العربية للتنمية - و هي مبادرة لمجموعة التنسيق لمؤسسات التنمية العربية الوطنية والإقليمية والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - عقدت الدورة الثالثة من مخيم البيانات "تصوّر 2030" /"2030Visualize  " في بيروت في الفترة الممتدة من 10 إلى 14 تشرين الأول/أكتوبر.

"تصوّر 2030" أو ما يعرف باسم "Visualize 2030"، هو أول مخيم إقليمي حول أهداف التنمية المستدامة، وهي مبادرة تعمل على تشجيع استخدام البيانات من قبل الشباب في المنطقة العربية وذلك دعماً لحملات المناصرة والتوعية والتفكير الإبداعي حول أولويات التنمية. إنها مساحة تعليمية مبتكرة للشباب تسعى إلى وضع  تصوّرات جديدة  لشكل العالم الذي يرغب الشباب العيش في كنفه بحلول عام  2030 من خلال البيانات.

 

مخيم البيانات "تصوّر 2030": حكاية أحلام وآلام الشباب العربي

خلال أربعة أيام مكثفة من العمل، عمل 65 شابًا وصبية من 14 بلد عربي تم اختيارهم من بين 464 طلبًا، على جمع البيانات وتحليلها  وربطها بأهداف التنمية المستدامة (SDGs) بهدف الخروج بمنتجات صوتية  بصرية تحاكي آمالهم وآلامهم.
 

وقد عُقد المخيم هذا العام، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، برنامج الأغذية العالمي، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

كما في السنتين الماضيتن، قام المشتركون بتشكيل فرق عمل تتكوّن من إحصائيين واقتصاديين ومصممي غرافيك، عملوا بجهد وحماس بهدف الخروج بموادٍ بصرية تعتمد على تقنيات المصادر المفتوحة. وقد تمّ العمل تحت إشراف مجموعة من المدربين ومحللي البيانات، كما حصل المشاركون على أدوات مختلفة لمساعدتهم في إنهاء مشاريعم.

عمل المدربون مع الشباب بهدف تعزيز مهاراتهم في تحويل البيانات الخام إلى سرد قصصي وذلك تحقيقًا لأهداف مخيم البيانات.  فكانت النتيجة قصص مبينية على البيانات تعكس مخاوف وتطلعات الشباب حول عدم المساواة في المنطقة العربية.

 

البيانات تبقى مجموعة من الأرقام حتى يتم تحويلها إلى قصة. فمن دون  إضافة السرد القصصي على البيانات، لا يستطيع الناس فهمها وترجمتها بطريقة سهلة. خلال المخيم التدريبي الذي استمر على مدار أربعة أيام في الفترة الممتدة من 10 إلى 13 أكتوبر 2019، عمل الشباب المشاركون  بجد لإيجاد طرق مبتكرة لرواية قصصهم من خلال الأرقام.

ولكن الحصول على المؤشرات لم يكن بهذه السهولة! فالبيانات و الموارد حول قضايا التنمية في المنطقة العربية غالبًا ما تكون قديمة وذات موثوقية غير منتظمة وتواجدها موزّع بين مصادر دولية وإقليمية ووطنية متعددة. ومن هنا كان التحدي الأكبر خلال المخيم، إيجاد قصة مدعومة ببيانات حديثة وموثوقة.

وقد استخدم المشاركون البوابة العربية للتنمية للحصول على إحصائيات حول بلدانهم. حيث توفر البوابة العربية، التي تلعب دور الوسيط بين منتجي ومستخدمي البيانات، قاعدة بيانات ديناميكية تضم أكثر من 7000 مؤشر مستخرج من بيانات مكاتب الإحصاءات الوطنية والمنظمات الدولية، بالإضافة إلى أداة لرصد أهداف التنمية المستدامة.

 

تحت المجهر: الحد من أوجه عدم المساواة

من الحياة في البرّ إلى المدن والمجتمعات المستدامة،  تتضمن خطة التنمية المستدامة لعام 2030، 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة والتي تمثل برنامج عمل لأجل الناس، والكوكب، والازدهار، والسلام، والشراكة.

في حين يهدف مخيم البيانات" تصوّر 2030 " إلى تتشجيع استخدام البيانات من قبل الشباب في المنطقة العربية، وذلك ترويجًا للتفكير الإبداعي حول أولويات التنمية، وإحياء رؤية خطة التنمية 2030 وأهداف التنمية المستدامة الـ17 الخاصة بها، تناول مخيم هذا العام  بشكل خاص موضوع عدم المساواة في المنطقة العربية، والذي يقع ضمن الهدف العاشر: الحد من أوجه عدم المساواة، ويتقاطع مع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، كما أنه عامل رئيسي في تمكين أهداف التنمية المستدامة بشكل عام.

 

شدّد جميع الشباب المشاركين على أن عدم المساواة يمثل عقبة رئيسية أمام التنمية بشكل عام وتمكين الشباب بشكل خاص، وقد كان هذا واضحا من خلال التحديات التي عالجتها الفرق المشاركة والتي طرحت مجموعة واسعة من القضايا  التي تعكس عدم المساواة في بلدانهم والمنطقة: عدم المساواة بين الجنسين، التمييز ضد عاملات المنازل الأجانب، عدم المساواة في الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية،  المشاكل التي تعاني منها البلدان المتضررة من أثار الحرب وغيرها من القضايا.

 

تعرفوا على الفرق الفائزة!

حضر الحفل الختامي أكثر من 100 شخص من شباب وعلماء بيانات وخبراء وصحفيين. وقد أقيم الحفل في "بيت بيروت" وهو المتحف الذي كان شاهداً على الحرب اللبنانية وانتقل من كونه "خط تماس" إلى واحةٍ للثقافة. وفي نهاية الحفل، اختارت لجنة التحكيم المؤلفة من مجموعة من الخبراء الفرق الفائزة في هذه المسابقة، وذلك ووفقاً لمنهجية تقييمية شملت مدى غنى المنتج بالبيانات، قدرته على التأثير ومناصرة القضايا التي يعالجها ومدى والإبداع والابتكار في عرض الأفكار. وتم الإعلان عن الفرق الثلاثة الفائزة، وهي:

 

  • في المرتبة الأولى، فاز فريق "حرف" من اليمن

يروي كل من شيماء (23) ومحمد عبد السلام (24) وأصيل إيهاب (23) في الفيديو قصة أحمد وسعاد، طفلين يمنيين تدمرت أحلامهما في التعليم والعيش الكريم نتيجة الصراعات التي  يعاني منها بلدهم. فقد أوقفت سعاد عن التعليم وذلك لأنها فتاة، في حين أكمل أحمد تعليمه. ولكن الحرب كانت سبباّ في ايقاف دراسته بسبب إقفال المدرسة لايواء النازحين، كحال48 ٪ من المدارس في اليمن. يسلط الفيديو الضوء على أرقام صادمة حيث تشير التقديرات إلى أنه إذا استمرت الحرب حتى عام 2030، فسوف يعيد الصراع التنمية في اليمن 39 عامًا إلى الوراء.

 

تطرق فريق "رواد سوريا 2030" Entrepioneer 2030 إلى آثار الحرب على الأطفال في سوريا ، وخاصة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد عبر كل من باسل (25) ، فرح (24) وعمر (27) عن قلقهم تجاه مستقبل هؤلاء الأطفال. يشير الفيديو إلى أن معدل وفيات الأطفال في سوريا  هو 25٪ وأن 64٪ من الأطفال في سوريا بحاجة إلى المساعدة.
 

  • في المرتبة الثالثة، فاز فريق "سند" من السودان

تحدث كل  من دعاء (28) وأحمد (29) وأبو بكر (30) عن الأطفال المشردين في السودان والتحديات التي يواجهونها لكونهم بدون هوية. وقد أوضحت دعاء أنّ "هؤلاء الأطفال يعيشون في المجاري وخرجوا مما يسمونه منزلهم خلال الثورة السودانية". يعكس الفيديو الواقع المروّع لمليون طفل في السودان، محرومين من الحصول على الخدمات الأساسية ودون أي دليل على ولادتهم أو هوية والديهم.

وقد حصلت الفرق الرابحة الثلاثة على جوائز نقدية، لكن جميع الفرق الـ 24 عادوا إلى بلادهم بتجربة مميّزة لن ينسوها!

تعد جميع المنتجات المرئية مثالًا ملموسًا على مشاركة الشباب والتزامهم بدورهم المهم في إحداث تغيير في مجتمعاتهم. في كل عام، يؤكد مخيم "تصوّر 2030" التزام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتمكين الشباب في رحلتهم نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة.

 

فريق حرف من اليمن الحاصل على المركز الأول في "تصوّر 2030"!
في الرحلة التي استمرت خمسة أيام، تعلمنا كيفية الحصول على البيانات وتحليلها وتصورها. والأهم، هي التجربة المهمة والرائعة التي عشناها في مخيم "تصوّر 2030"، والذي ألهمنا أن نخطو خطوات أخرى في مساعدة مجتمعاتنا أكثر وأكثر ... "

فريق رواد سوريا 2030 من سوريا الحاصل على المركز الثاني في "تصوّر 2030"!
"إن مخيم "تصوّر 2030" والذي امتد على مدار 5 أيام هي أفضل تجربة عشناها على الإطلاق. تشجع مبادرة البوابة العربية للتنمية على استخدام البيانات من قبل الشباب في المنطقة العربية، و ترويج التفكير الإبداعي وتفعيل النقاش البنّاء في المنطقة. نحن فخورون بالفوز بالمركز الثاني بين 64 مشاركًا ماهرًا!"

فريق سند من السودان الحاصل على المركز الثالث في "تصوّر 2030"!
"لا توجد كلمات يمكن أن تصف التجربة التي عشناها في هذا المخيم. "تصوّر 2030" خلق مساحة تعليمية لتبادل الأفكار فيما بيننا جميعًا. أشجع جميع الشباب في المنطقة بالتقدم بطلب للمشاركة في هذا المخيم في السنوات القادمة".



 

 

 

 

فريق البوابة العربية للتنمية فريق البوابة العربية للتنمية

الأكثر قراءة

عربية translation unavailable for Technology-driven entrepreneurship pushes youth to think beyond limits: The Case of Tunisia’s EVOCRAFT.

الصفحات

الأكثر قراءة

لنمنحك أفضل تجربة عبر الإنترنت. باستخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لسياسة الخصوصية الخاصة بنا.